مسارات ريفية للخروج من الفقر
برنامج زراعي لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية لزيادة دخل الأسر في الريف المصري.
برنامج زراعي لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية لزيادة دخل الأسر في الريف المصري.
يتفشى الفقر بشكل واسع في مجتمعات الفالحين في مصر، وخاصة في منطقة صعيد مصر. في سعيها للمساهمة في رفع مستوى الدخل لأسر الفالحين، انضمت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية إلى برنامج شراكة يعتمد على مقاربة جديدة تتلخص في رصد وتبني أفضل الممارسات في مجال الزراعة من مختلف أنحاء العالم والمتوائمة مع ظروف واحتياجات المجتمع المحلي، ثم تعميم استخدامها على صعيد مصر بأكمله.
اعقد الشراكات مع الآخرين. حدد أفضل الشركاء لتنفيذ المشروع وتعاون معهم بشكل وثيق
اجتذب المشاركة من أعضاء المجتمع المحلي. كوّن فهماً عميقاً لاحتياجات المجتمع المحلي وأفضل المقاربات لتلبية هذه الاحتياجات
تعلّم وتطور باستمرار. استثمر في رصد الأنشطة والتعلم وكسب التأييد
استعن بمختلف أصولك. وظف الخبرات وشبكات العلاقات وسمعة المؤسسة، إلى جانب رأس المال الخيري
عملت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية منذ زمن طويل على مساعدة الفئات المهمشة في مصر لتحسين أحوالهم وبناء حياة منتجة وعيش كريم يصون كرامتهم. وتعود أصول عائلة ساويرس إلى منطقة الصعيد، حيث مارس أعضاؤها عمل الخير والعطاء عبر أجيال، ما جعل الأسرة تدرك تماماً التحديات الفريدة التي تعيق سكان الصعيد من تحسين مستوى معيشتهم.
وتشير الإحصاءات اليوم إلى أن ما يزيد عن نصف سكان صعيد مصر يعيشون على أقل من دولار أميركي واحد في اليوم. وعلى الرغم من أن الزراعة هي مصدر الرزق الرئيسي هناك، إلّا أنها نادراً ما تولد الدخل الكافي لمعيشة الأسر ــ أو حتى ما يكفي لسد رمقهم. إذ يفتقر ما يقارب من 40 بالمئة من سكان الأرياف في صعيد مصر إلى الغذاء الضروري للمحافظة على صحتهم.
وتقول نورا سليم، المدير التنفيذي لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية: "تشكل الزراعة قطاعاً اقتصادياً مهماً جداً في صعيد مصر، ونحن نرى في هذا القطاع فرصة هائلة لإحداث الفرق في قضيتي الفقر والأمن الغذائي. فهذه المسألة في صلب عملنا الذي يتمحور حول التمكين الاقتصادي".
ولا يخفى عن المؤسسة أن المسار لإحراز تقدم على هذا الصعيد شائك ومليء بتحديات وعوائق لا تحصى. فغالبية الفلاحين ليسوا على دراية بالممارسات التي من شأنها رفع الإنتاجية الزراعية، أو أنهم غير قادرين على تحمل كلفة المشتريات اللازمة لتبني هذه الممارسات. كما أن سبل النفاذ إلى الأسواق لبيع محاصيلهم محدودة جداً. فضلاً عن هذا، فإن فرص العمل خارج قطاع الزراعة والتي قد تساعدهم في زيادة مدخولهم هي أيضاً شحيحة نظراً للطبيعة الصعبة لسوق العمل في المنطقة.
وتاريخياً، لم تحقق الجهود التي بذلت لمعالجة هذا الوضع أهدافها، فالعديد من المبادرات التي سعت للحد من حالة الفقر السائدة في المنطقة، مثل مبادرة الدعم الشامل للمواد الغذائية، قصرت عن تحقيق أهدافها. وغالباً ما كان يعزى السبب في هذا إلى النهج التنازلي، من القمة إلى القاعدة، الذي اتبعته هذه المبادرات، أو بسبب عدم معالجتها بشكل وافٍ للمجموعة المتشابكة من الاحتياجات والقيود. وفي العام 2012، عندما علمت المؤسسة عن برنامج جديد واعد يقدم رزمة من الحلول الزراعية المبنية على فهم عميق لاحتياجات المجتمعات المحلية، وجدت فيها فرصة جيدة لا يجب تفويتها.
يعد برنامج التنمية الزراعية المستدامة (SADP) جزءاً من المبادرة المصرية للتنمية المتكاملة (ENID) أو ما يعرف بـ"النداء"، وهي شراكة متعددة الأطراف تعمل تحت مظلة وزارة الاستثمار والتعاون الدولي في مصر، وتضم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومانحين آخرين محليين ودوليين. والغرض من البرنامج هو خفض معدلات الفقر في صعيد مصر. وتمثلت أهداف البرنامج في خلق فرص توفر الدخل للمجتمعات الريفية في صعيد مصر وترفع مستوى الأمن الغذائي.
عندما طرح فريق عمل "النداء" على مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية فكرة المشاركة في البرنامج، وجدت المؤسسة فرصة لا تعوض في إحداث الفرق نظراً لتميز البرنامج عما سبقه، والذي يختصر بما يلي: تحديد الممارسات المبتكرة والمتبعة داخل وخارج المزارع في مناطق جغرافية أخرى؛ تكييف هذه الممارسات (بما ينسجم مع المعرفة العميقة لاحتياجات المجتمعات المحلية، وما توصي به شبكة من الخبراء) وتطبيقها في صعيد مصر ضمن مشاريع تجريبية؛ تحديد الأولويات المتعلقة بقياس النتائج وتقييمها بشكل دقيق؛ ثم توسيع نطاق تطبيق هذه الممارسات بالاستعانة بشركاء محليين والترويج لتبنيها استناداً لنتائجها والبراهين على نجاحها.
وتقول نورا سليم، المدير التنفيذي لمؤسسة ساويرس: "إن برنامج التنمية الزراعية المستدامة هو بمثابة مبادرة تعليمية من حيث طبيعة المشاريع التجريبية المتعددة التي أطلقها والمصممة بشكل ممتاز، فضلاً عن نتائجها التي يتم نشرها باستمرار وهذا هو أحد الأسباب التي جعلتنا نرغب في المشاركة في البرنامج منذ اللحظة الأولى."
وفي العام 2012 تعهدت المؤسسة بتقديم مبلغ 1.3 مليون دولار أميركي للمساهمة في المرحلة الأولى من البرنامج، ما جعلها المانح الرئيسي. وبالإضافة إلى تقديم رأس المال، جلبت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية إلى البرنامج تجربتها وخبرتها في التمكين الاقتصادي وميدان الزراعة.
ويؤكد الدكتور ضياء عبده، مدير وصاحب فكرة برنامج التنمية الزراعية المستدامة، قائلاً: "إن علاقتنا بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية هي حقاً شراكة استراتيجية. وقد شاركت المؤسسة في كل خطوة في مسارنا."
ركز برنامج التنمية الزراعية المستدامة في مرحلته الأولى على محافظة قنا، والتي تعد واحدة من أفقر محافظات الصعيد، حيث أطلق هناك نماذج لست ممارسات أعمال زراعية شملت معالجة الحليب ومدارس المزارعين الحقلية وغيرها. وبالمحصلة نجح البرنامج في تدريب ما يزيد عن 3,000 شخص في 25 قرية، متخطياً بذلك الأهداف الموضوعة للمرحلة التجريبية، كما أوجد 900 فرصة عمل في ميدان الزراعة المستدامة.
وشجعت هذه النتائج المنظمات غير الحكومية والجهات الحكومية المعنية على البدء في تبني بعض الممارسات الناجحة التي تضمنتها المرحلة الأولى من البرنامج، شملت مزارع الأسماك المتكاملة وإعادة تدوير الفضلات الزراعية، في مختلف أنحاء صعيد مصر.
وفي ضوء هذه النتائج القوية واستكمالاً لها، تعهدت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بتقديم مبلغ 1.5 مليون دولار أميركي إضافي لدعم أنشطة البرنامج لغاية العام 2021، مع تركيز الجهود في هذه المرحلة على إحداث أثر أعمق في محافظة قنا، وإطلاق نماذج لممارسات جديدة.
الشراكة مع المنظمات غير الربحية: تربية الماعز لرفع مستوى الدخل.
يعيش نحو 70% من سكان قرية "البحري قمولا" تحت خط الفقر. لكن بوادر الخير بدأت عندما دخلت جمعية التنمية والبيئة المحلية، في شراكة مع برنامج التنمية الزراعية المستدامة في مرحلته الثانية ضمن مشروع لتربية الماعز من سلالة الشامي المعروفة بإنتاجيتها العالية، والتي لم تكن معروفة سابقًا في الصعيد.
اختار المشروع التجريبي 10 نساء لكي تعتني كل واحدة منهن بثلاث عنزات حوامل بعد تدريبهن على الممارسات السليمة المعتمدة في رعاية الماشية، إضافة إلى الشؤون البيطرية الأساسية وخدمات الإرشاد الزراعي. وكان الهدف من هذا المشروع هو تمكين النساء من تحقيق الدخل لأسرهن.
وعلى الرغم من أن المشروع ما زال في مراحله المبكرة إلا أنه بدأ يؤتي ثماراً. فقد بدأت العنزة الواحدة تنتج ما بين ثلاثة وخمسة كيلوغرامات من الحليب يومياً، ما يمثل زيادة عالية نسبياً في دخل الأسر، إذ أن سعر الكيلو الواحد من الحليب يبلغ ما يعادل نصف دولار أمريكي. ومن جهة أخرى، يمنح المشروع عنزتين حديثتي الولادة من كل أسرة إلى أسر فقيرة أخرى، ما يؤدي إلى توسيع فرصة تحقيق دخل إضافي بشكل مطرد على أعداد أكبر من الأسر المحتاجة.
وعبّرت حليمة عرابي، المنسقة في جمعية التنمية والبيئة، عن حماس منظمتها لاستمرار شراكتها مع البرنامج قائلة: "نحن جاهزون للمشاركة في المزيد من المشاريع. فهناك أعداد كبيرة من الأسر التي يمكننا مساعدتها معاً من خلال هذا المشروع أو مشاريع أخرى".
بالتعاون الوثيق مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، يستخدم برنامج التنمية الزراعية المستدامة أربع خطوات لمعالجة الفقر والجوع والبطالة في صعيد مصر.
1. فهم احتياجات المجتمع المحلي في الصعيد. يعمل البرنامج بصورة وثيقة مع خبراء من مختلف الحقول في مراكز الأبحاث والجامعات من أنحاء مصر، كما يجوب فريق عمل البرنامج مختلف القرى والمجتمعات المحلية في منطقة الصعيد لكي يتحرى عن أنواع المحاصيل وما تدره على المزارعين، فضلاً عن الممارسات الزراعية المتبعة، والظروف البيئية (مثل الطقس وطبيعة الأرض)، ومستوى النفاذ إلى المياه والموارد الأخرى. كما يجري الفريق استبياناً مع السكان لتحديد أهم الفجوات ومواقع الضعف في المشهد الزراعي المحلي، ويجتمع مع ممثلين عن جمعيات التنمية المجتمعية المحلية للحصول على فهم جيد حول أنواع الممارسات الزراعية والأنشطة المولدة للدخل الأكثر ملاءمة لبيئتهم.
وبالنهاية يتمكن فريق البرنامج من خلال هذه الأنشطة من تحديد أية أجزاء من سلسلة القيمة المبنية على محصول معين ستتطلب الجهد الأكبر. وتشمل هذه السلسلة المدخلات الزراعية (ما يضم الحبوب والأسمدة) مروراً بمرحلة الإنتاج والحصاد، ثم التسويق والتوزيع. ويتمثل دور مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بتقديم الدعم للبرنامج من خلال إجراء عملية تقييم الاحتياجات ومشاركة الخبرات والدروس المستقاة من برامج أخرى قائمة في صعيد مصر، بالإضافة إلى تقديم الخبرات التقنية في مجالي التمكين الاقتصادي والزراعة.
2. تحديد أفضل الممارسات الملائمة لبيئة المجتمع المحلي. يبحث برنامج التنمية الزراعية المستدامة دائماً عن الممارسات الناجحة التي تتطابق مع احتياجات مجتمعاتها المحلية المستهدفة في صعيد مصر. ويعمل البرنامج على تجميع المعلومات من مجموعة الخبراء ضمن شبكته، فضلاً عن المعرفة التي يكونها حول الأساليب الزراعية المستخدمة في أماكن أخرى من العالم. وبالتعاون مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية ترصد المجموعة الممارسات المبتكرة ليس فقط تلك التي تعد في صلب عمل المزارع فحسب، بل تلك التي قد تصاحبها، مثل تربية النحل. ثم تعمل المجموعة على تحديد الأولويات بين المقاربات والأساليب التي تم اختيارها بهدف خلق سلسلة متكاملة للقيمة - مثل ربط المزارعين مع الأسواق.
ويركز الفريق في بحثه على مناطق جغرافية مشابهة في خصائصها لصعيد مصر (من حيث أنواع المحاصيل والخصائص البيئية)، ما يقودهم في جولات ميدانية إلى مناطق ريفية أخرى في مصر وخارجها كالهند وبنغلاديش.
3. استحداث الممارسات بصورة تجريبية في صعيد مصر، وتقيين فعاليتها في التطبيق. يعمل فريق البرنامج مع شبكة خبرائه على تكييف الممارسات الواعدة التي تم اختيارها من مناطق جغرافية أخرى لتكون منسجمة مع السياق المحلي في منطقة الصعيد. ويبدأ الفريق في تطبيق كل أسلوب جديد أو ممارسة جديدة على نطاق تجريبي ضيق في المرحلة الأولية، بعد أن يكون قد أكمل دراسات الجدوى، وأجرى التعديلات على الممارسات حسبما يقتضي الأمر.
ويقوم أعضاء فريق العمل في تطبيق البرنامج التجريبي بأنفسهم، كما يستعينون بالشركاء من المنظمات غير الحكومية وبعض الجهات الحكومية لتطبيق التجربة في مواقع أخرى. والغرض من هذه التجربة الأولية هو اختبار الممارسات وتحديد مدى نجاحها وقابليتها للتكرار قبل أن يتم تعميمها على نطاق واسع في أنحاء مصر. وهكذا يستثمر برنامج التنمية الزراعية المستدامة بشكل مكثف في شؤون البحث والقياس والتقييم في التطبيقات التجريبية. فيتم تحديد المستهدفات وأبرز محطات المشروع التجريبي بشكل واضح ومفصل (على سبيل المثال، عدد الأفراد الذين سيتلقون التدريب، وفرص العمل التي يتم استحداثها)، وإعداد التقارير الفصلية حول مسار العمل والتي توثق الإنجازات، والدروس المستفادة، والخطط المستقبلية. ومن جهتها تعمل مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية على رصد تقدم العمل في المشاريع التجريبية، كما تلتقي بشكل دوري مع قيادة برنامج التنمية الزراعية المستدامة، وتقوم بجولات ميدانية لاكتساب فهم عميق حول تطوير وتنفيذ تلك المشاريع، وبالنهاية تقدم الدعم لعملية التقييم.
4. توسيع نطاق تبني الممارسات من خلال إقامة الشراكات وكسب التأييد ومشاركة المعرفة. يسعى البرنامج إلى تحديد الممارسات الأكثر فعالية في البيئة المحلية من بين مختلف البرامج التجريبية التي يتم إنجازها، ثم وضع هذه الممارسات قيد التطبيق في مختلف مناطق مصر من خلال العمل مع الشركاء المحليين.
ويوضح الدكتور عبده، مدير البرنامج، بقوله: "نحن، في برنامج التنمية الزراعية المستدامة، لا نقدم الخدمات مباشرة للمستفيدين، بل يتمحور اهتمامنا حول بناء النماذج الصحيحة التي يعمل الآخرون على متابعة شأنها."
يختار برنامج التنمية الزراعية المستدامة شركاءه من المنظمات غير الحكومية وفق انسجام أهدافها وقدراتها مع أهداف ومتطلبات البرنامج، مثل تمكين المرأة، ودعم سبل عيش الأسرة، وجذب المشاركة من المجتمع المحلي. بعد ذلك يقوم البرنامج بتدريب هذه المنظمات (وأحياناً بعض كوادر الحكومة المحلية) على كيفية تطبيق وتقييم أداء الممارسة المعنية. وتساعد مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في تقوية الروابط مع الجهات المحلية في المناطق التي تتمتع بها بشبكة علاقات.
لا شك أن هذه الشراكات مفيدة لكل الجانبين. فالمنظمات غير الحكومية والحكومة المحلية تشارك معارفها الواسعة بالموارد والتحديات المتعلقة بالزراعة في القرى، بينما يزود برنامج التنمية الزراعية المستدامة شركاءه المحليين بالمساعدة التقنية والدعم لبناء القدرات.
وتقول ناهد يسري، مديرة التمكين الاجتماعي في مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية: "عندما بدأنا أعمالنا في منطقة الصعيد لأول مرة، لم يكن هناك أية مزارع على دراية بإعادة التدوير الزراعي، وكان المزارعون يحرقون المخلفات الزراعية". وتضيف: "أما الآن فقد استحدثنا برنامجنا لإعادة التدوير الزراعي في 10 إلى 12 قرية في محافظة قنا."
بالإضافة إلى الشراكات المحلية المباشرة، فإن برنامج التنمية الزراعية المستدامة دائماً ما يبادر إلى مشاركة المعرفة التي كونها حول الممارسات الفعالة وطرق تطبيقها لكي تستفيد المنظمات الأخرى من تبنيها وتوسيع نطاق انتشارها. كما يشارك البرنامج في الترويج وحشد الرأي القائم على البراهين، ونشر موجزات للسياسات ذات الصلة ودراسات الحالة، فضلاً عن استضافة المؤتمرات أو المشاركة بها بهدف التأثير على الجهود الحكومية والمنظمات غير الحكومية الأخرى. ومن جهتها تشارك مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بشكل وثيق في هذه الجهود.
وتوضح نورا سليم، المدير التنفيذي للمؤسسة، قائلة: "نحن نساهم في نشر المعرفة، وتنفيذ المشاريع التجريبية في بيئات مختلفة، كما نجذب الآخرين لتعميم هذه الممارسات الزراعية الفعالة."
1. فهم احتياجات المجتمع في صعيد مصر. تبين خلال المرحلة الأولى من دراسة تقييم احتياجات برنامج التنمية الزراعية المستدامة أن ارتفاع كلفة السماد يشكل إحدى أكبر التحديات للمزارعين. لذا يستغني العديد من المزارعين عن استخدام السماد ما أدى إلى محصول أقل. كما أن ارتفاع الكلفة أدى إلى أرباح أقل لمن استعمل السماد. وفي الوقت نفسه، كان العديد من المزارعين يقومون بإحراق المزروعات التالفة (وهو بقايا فائض محاصيلهم)، ما كان يسبب ضرراً في التربة والهواء.
2. تحديد أفضل الممارسات التي تتناسب مع سياق المجتمع المحلي. حدد برنامج التنمية الزراعية المستدامة ممارسات مبتكرة وذات صلة وتستعمل في العديد من الدول حيث يقوم المزارعون ببيع البقايا الزراعية لديهم بهدف إعادة التدوير أو بإعادة تدويرها بأنفسهم. تنتج هذه العملية نوع سماد متدني الكلفة جاهز للاستعمال كبديل عن السماد أو كعلف للحيوان، ما يساعد في خفض الأعباء على المزارعين ويقلل من كمية البقايا للحرق.
3. تطبيق ممارسات تجريبية في صعيد مصر وتقييم فعاليتها. عند تجربة برنامج إعادة التدوير، سعى برنامج التنمية الزراعية المستدامة إلى نشر الوعي لدى المزارعين، إذ أن القليل منهم على علم بهذه العملية ومردودها المالي. عمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة في المرحلة الأولى على تدريب أكثر من 1,700 مزارع وموظف حكومي في القطاع الزراعي على كيفية تجميع وبيع وإنتاج هذا النوع من السماد، ما أدى إلى ازدياد عمليات إعادة التدوير.
4. توسيع نطاق استخدام الممارسات الفعالة من خلال إنشاء الشراكات وكسب التأييد ونقل المعرفة. عمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة على إشراك وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي منذ بدء البرنامج ومشاركة النتائج. دمجت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي مكون إعادة التدوير في خدماتها الزراعية للتأكد من قدرة المزارعين على الاستفادة من فرصة زيادة مردودهم. كما نظم برنامج التنمية الزراعية المستدامة زيارات ميدانية للمواقع التجريبية كجزء من أنشطة المؤتمرات التي ينظمها سنوياً.
في وقت كتابة هذه الدراسة، قد حقق برنامج التنمية الزراعية المستدامة نتائجاً تخطت الأهداف الموضوعة لمرحلته الأولى. فقد أكمل البرنامج وشركاؤه تدريب ما يزيد عن 3,000 شخص على مختلف أنواع الممارسات في 25 قرية في محافظة قنا - وهو أكثر بكثير من الـ 890 شخص المستهدفين أساساً.
واستطاع أيضاً البرنامج من خلال هذه المشاريع التجريبية إيجاد 900 فرصة عمل في قطاع الزراعة المستدامة، ما شكل قرابة ضعف العدد 470 المستهدف؛ وكانت حصة النساء من هذه الفرص ما يقارب النصف - ذلك في الوقت الذي لم تسمح فيه التقاليد للمرأة بأن تعمل خارج المنزل.
ويؤكد علي ماهر، المنسق الميداني للبرنامج في مكتب المبادرة المصرية للتنمية المتكاملة في قنا، بقوله: "متى ما توفرت لتلك النساء فرص العمل فإنهن يساهمن بكسب المدخول لأسرهن، كما يشعرن بقدر أكبر من التمكين".
وعلى الرغم من أن جميع المشاريع التجريبية الستة لبرنامج التنمية الزراعية المستدامة في مرحلته الأولى حققت نتائج مشجعة، إلا أن فريق عمل البرنامج يرى بأن أكثر هذه المشاريع نجاحاً كان مشروع إعادة تدوير الفضلات الزراعية، ومزارع الأسماك المتكاملة، ومدارس المزارعين الحقلية. فهذه المشاريع الثلاثة بالتحديد حققت نسبة المشاركة المستهدفة وحسنت مستوى المعيشة للعديد من الأسر، ما شجع الحكومة ومنظمات أخرى من إعادة تطبيق مقاربات هذه المشاريع التجريبية، وبالتالي توسيع نطاقها وتعظيم أثرها.
ومن ناحية أخرى، بدأت الجهود التي بذلها برنامج التنمية الزراعية المستدامة بدأت تؤثر على الحكومة بشكل عام. ويقول الدكتور وليد بريقع، المدير الإقليمي لمكتب المبادرة المصرية للتنمية المتكاملة في قنا: "بعد اختتام مؤتمرنا الأخير اتصلت بنا محافظات من مختلف أنحاء مصر وأبدت اهتمامها بمشاريعنا. وأكثر ما بهرهم هو مجموعة الأدلة القوية التي وثقناها خلال المرحلة الأولى للبرنامج".
ويعمل اليوم البرنامج، من خلال تعاونه الوثيق مع الحكومة، على إدخال ممارساته ضمن الأنظمة القائمة، وبذلك يساهم بإحداث التغيير على المدى الطويل.
مزارع الأسماك المتكاملة
استخدم برنامج التنمية الزراعية المستدامة نموذج عمل مستوحى من منطقة دلتا النيل لكي ينشئ مزرعتين متكاملتين للسمك في قريتي "قنا الغاب" و"شيخ عيسى".
مدارس المزارعين الحقلية
أكمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة 27 دورة لما يسمى بمدارس المزارعين الحقلية التي تعتمد على أسلوب التعلم الجماعي، والذي يركز على تجربة تعلم تفاعلية وتمارين التعلم من خلال الممارسة الميدانية.
لم تثمر جميع تجارب المرحلة الأولى نتائج مرضية. على سبيل المثال، لم ينجح مشروع حدائق الأسطح بشكل كامل؛ فعلى الرغم من أنه نجح في المناطق الحضرية إلا أنه لم يحقق نتائج بارزة في المناطق الريفية. وأظهرت الأسر في المناطق الريفية حاجة أقل لإنشاء حدائق على الأسطح، إذ أن مساحات أراضيها الكبيرة سمحت لها بزراعة الكثير مما يشكل غذائها.
"إن حدائق الأسطح على مستوى القرى لم تنجح بشكل جيد"، حسب ما يقول الدكتور عبده. "حاولنا جاهدين، وبينما رأينا بعض النتائج الإيجابية، لا يزال أمامنا مزيد من العمل". وبناءً على هذه الدروس التجريبية المبدئية، بدأ برنامج التنمية الزراعية المستدامة يعمل على زراعة طحالب الأزولا في حدائق الأسطح، تلبية لازدياد الطلب على محاصيل الأعلاف الحيوانية.
وتؤكد مختلف نتائج المشاريع التجريبية على فعالية نهج البرنامج، والذي يستثمر بكثافة في المرحلة التجريبية لقياس إمكانات كل ممارسة من الممارسات في المنطقة، قبل أن يقرر ما إذا كان سيتم توسيع نطاقها وكيفية عمل ذلك.
كان التقدم في جهود المرحلة الأولى لبرنامج التنمية الزراعية المستدامة، في كثير من الأحيان صعب المنال، حيث اضطر الفريق إلى البحث في العديد من القواعد والقوانين التي ترعى القطاع الزراعي في مصر. تتمثل أحد هذه العوائق في الوقت الطويل الذي يتطلبه الحصول على تراخيص لمعالجة الحليب على مستوى تجاري.
كما أن العثور على الشريك المناسب للمنظمات غير الحكومية كان تحدياً أيضاً، بالإضافة إلى فشل بعض الشراكات، وكان على برنامج التنمية الزراعية المستدامة أن يستثمر في تطوير استبيان أكثر شمولاً لتحديد المنظمات غير الحكومية التي تتماشى مع أهدافه (لا سيما مشاركة المجتمع وتمكين المرأة) والتأكد أن لديها القدرة للقيام بالعمل (بما في ذلك إعداد التقارير وأنظمة الحسابات المالية). ويستخدم البرنامج هذه الدروس والعبر للاستفادة منها في جهوده اللاحقة.
ولطالما كانت الاستدامة المالية مصدر قلق مستمر لبرنامج التنمية الزراعية المستدامة والبرامج الأخرى للمبادرة المصرية للتنمية المتكاملة. فتم إنشاء مؤسسة النداء في عام 2016 بهدف تعزيز مصادر تمويل جميع برامجها، وتجمع مؤسسة النداء الأموال من مجموعة من المانحين، بما في ذلك مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، شركة كوكا كولا، ورواد العطاء المصريين. والهدف هو أن تستمر مؤسسة النداء في دعم استثماراتها، حتى بعد انتهاء التمويل من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمانحين الأجانب الآخرين.
في عام 2017، خصصت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية مبلغ 800,000 دولار أميركي إضافي للمرحلة الثانية، والتي ستمتد حتى عام 2021. يوضح الدكتور عبده، قائلاً: "تهدف المرحلة الثانية إلى ضمان استدامة وتطوير الممارسات الناجحة، بهدف تغطية المراحل القادمة من سلسلة القيمة".
ومن خلال هذا الدعم، يتوقع برنامج التنمية الزراعية المستدامة تجربة ثماني ممارسات في المرحلة الثانية لتدريب 1,400 شخص آخر على الأقل وتوفير وظائف لـ 1,000 عاطل عن العمل. تشمل هذه التجارب، المساعدة في تعزيز تربية النحل وإنتاج العسل وتدريب النساء الريفيات على أفضل الممارسات في تربية الماعز.
في تشرين الثاني من عام 2018، وافقت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية أيضاً على استثمار مبلغ 730,000 دولار أميركي من خلال مؤسسة النداء لدعم مشروع قائم في محافظة قنا وتابع لبرنامج التنمية الزراعية المستدامة والذي يركز على تربية دودة القز وإنتاج الحرير الطبيعي. يمتد المشروع لغاية العام 2021، ويركز على سلسلة القيمة الكاملة لتربية دود القز، بما في ذلك، زراعة أشجار التوت (التي تعتبر أوراقها مصدراً حيوياً لغذاء ديدان الحرير)، وتربية دودة القز، وإنتاج الحرير، ونسج الحرير.
يهدف المشروع إلى تأمين 1,500 فرصة تدريبية و835 فرصة عمل (37 بالمئة منها للنساء) في محافظة قنا. ويرى فريق عمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة أن المشروع يمتلك إمكانات عالية لزيادة الأرباح من التصدير.
كما تبحث مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية وبرنامج التنمية الزراعية المستدامة في إقامة شراكات لفترة ما بعد عام 2021، من أجل تحديد الممارسات المحتملة ومواصلة توسيع الشراكات مع المنظمات غير الحكومية والجهات الحكومية المحلية في صعيد مصر.
كوّن فهماً عميقاً لاحتياجات المجتمع المحلي وأفضل المقاربات لتلبية هذه الاحتياجات
يستثمر برنامج التنمية الزراعية المستدامة بالتعاون مع برنامج الدعم المالي والاستراتيجي في مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية الكثير من الوقت في دراسة تقييم الاحتياجات في منطقة صعيد مصر، بما في ذلك الاستبيانات الأساسية، جمع البيانات، وورش عمل مكثفة مع جمعيات التنمية في المجتمعات المحلية. حالما يتم الانتهاء من دراسة الاحتياجات المحلية والتحديات وجمع، يعمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة على تقديم استشارات وزيارات ميدانية لتحديد الترابطات الزراعية (في مصر أو عالمياً) ما يتيح أفضل فرصة لتمكين المجتمعات، وتعزيز سبل العيش وتحسين الأمن الغذائي. ويسعى الفريق على وجه الخصوص لإيجاد ممارسات مبتكرة من شأنها تعزيز سلسلة القيمة الزراعية، مثل تعزيز الروابط بين المزارعين والأسواق.
حدد أفضل الشركاء لتنفيذ المشروع وتعاون معهم بشكل وثيق
يسعى برنامج التنمية الزراعية المستدامة جاهداً للحفاظ على الممارسات الزراعية الفعالة وتوسيع نطاقها من خلال العمل مع الشركاء المحليين، ما يعتبر محرك لإستمرار استثمارات المؤسسة. لقد طور برنامج التنمية الزراعية المستدامة نماذج وأدوات الاختيار (مثال استبيان مفصل) لضمان توافق أهداف الشركاء مع أهداف البرنامج. وبالتالي يشمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة الشركاء المحليين المختارين، والمنظمات غير الحكومية والوكالات الحكومية في مرحلة تطوير المشروع ويدربهم على عملية التنفيذ. ويساعد ذلك في تحديد ومطابقة الأولويات من البداية والتأكد من إمكانية الشركاء في تطبيق الممارسات بشكل مستقل.
استثمر في رصد الأنشطة والتعلم وكسب التأييد
لدى برنامج التنمية الزراعية المستدامة عملية قياس وتقييم دقيقة لتحديد المؤشرات الرئيسية وتتبع التقدم واختبار الأثر والتوسع في مرحلة التجربة. تعزز المؤسسة هذه الجهود من خلال مشاركة خبرات فريق العمل لديها في مجال الزراعة والتعاون بشكل وثيق في مرحلة المتابعة مع برنامج التنمية الزراعية المستدامة. ويشارك البرنامج خبرته في هذا المجال لدعم الجهات العاملة بهدف توسيع نطاق الممارسات الفعالة.
اعتباراً من عام2016 ، نشر برنامج التنمية الزراعية المستدامة ثلاثة ملخصات للسياسات وخمس دراسات حالة توضح معالم عمله. كما أنها ساعدت أصحاب المصلحة من المنظمات الحكومية على اعتماد ممارسات ناجحة، بما في ذلك مدارس المزارعين الحقلية وعملية إعادة تدوير المخلفات الزراعية. ويثق فريق عمل برنامج التنمية الزراعية المستدامة ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بأن هذا النوع من كسب التأييد المستند إلى البراهين يمكن أن يساعد الحكومات والمنظمات غير الحكومية على الإقبال على مثل هذه المشاريع وتبني السياسات ذات الصلة على نطاق أوسع.
وظف الخبرات وشبكات العلاقات وسمعة المؤسسة، إلى جانب رأس المال الخيري
توظف مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية خبرتها في صعيد مصر للدفع بجهود برنامج التنمية الزراعية المستدامة. تساعد خبرة المؤسسة في تمكين الاقتصاد والزراعة وقياس الأثر، ومساعدة البرنامج على اختيار، وتصميم، ومتابعة ومشاركة الدروس من البرامج التجريبية.
وتستخدم المؤسسة علاقاتها المحلية لتسهيل الاتصالات الحكومية ونشر المعرفة على نطاق أوسع، كما أن سمعتها ترفع من قيمة برنامج التنمية الزراعية المستدامة ومصداقيته. يقول الدكتور عبده: "إن اسم مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية يحمل الكثير من الأهمية في مصر ويضيف شرعية لعملنا في ذهنية الممولين والحكومة".
تم نشر هذا المحتوى لأول مرة عام 2020 من قبل ’مشروع انسبايرد‘، وهو عبارة عن مجموعة من مقابلات الفيديو ودراسات الحالة المستمدة من لقاءات مع رواد عطاء متميزين ومؤسسات خيرية رائدة في العالم العربي. وقد حصل ’مشروع انسبايرد‘ على الدعم من مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، وتم إنتاجه مع شركاء المعرفة: ’مجموعة بريدج سبان‘ و’زمن العطاء‘.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here