لماذا يجب على المستثمرين الإصغاء جيداً

بيورن سترويير وجيد إيمرسون يوضحان ما يجعل رؤوس الأموال محفزة بالفعل ولماذا يجب على المستثمرين الاستماع إلى روّاد الأعمال الذين يمولونهم

Shutterstock 2309392017

بيورن ستروير هو مصرفي سابق ومؤسس منظمة ’روتس أوف إمباكت‘ Roots of Impact ورئيسها التنفيذي. يعمل ستروير بشكل وثيق مع الجهات الممولة الحكومية والمستثمرين المؤثرين وروّاد العطاء والمحسنين لتوسيع نطاق المشروعات العالية الأداء، وقد طوّر حلولاً رائدة مثل حوافز التأثير الاجتماعي والتمويل المرتبط بالتأثير. وستروير هو زميل أقدم في مركز التمويل المستدام والثروات الخاصة Center for Sustainable Finance and Private Wealth  ويترأس أيضاً مبادرة التمويل المختلط Initiative for Blended Finance في جامعة زيوريخ.

جيد إيمرسون هو كبير مسؤولي التأثير لدى شركة Alvarium Tiedemann|AlTi .وقد قام جيد بتأليف ثمانية كتب حول ريادة الأعمال الاجتماعية والاستثمار المؤثر، وتعتبر أبحاثه بالغة الأهمية في هذا المجال. كما شغل سابقاً العديد من المناصب الأكاديمية في كليات إدارة الأعمال بجامعة هارفارد وجامعة ستانفورد، وهو زميل أقدم لدى مركز التمويل المستدام والثروات الخاصة ومساهم في مبادرة التمويل المختلط في جامعة زيورخ.

خلال السنوات الأخيرة، تحول قدر كبير من الاهتمام في قطاع التمويل المؤثر إلى المشرفين على رؤوس الأموال - أي المستثمرون والمؤسسات الخيرية وغيرهم من الممولين - وأصبح أصحاب المصلحة في جميع مستويات الصناعة مهتمين باستكشاف العوامل التي تلعب الدور الأكبر في تحفيز هذه الجهات والأساليب التي تحقق أفضل النتائج.

مع ذلك، فإن هذا التركيز الأحادي الجانب غالباً ما يحوّل انتباهنا عن الهدف الحقيقي للقطاع وهو أنه ليس باستطاعتنا إحداث الأثر من دون استشارة متلقي رأس المال وهم رواد الأعمال.

يؤمن معظم المستثمرين بشدة برأس المال التحفيزي باعتباره الشكل المفضل للتمويل المؤثر بالنسبة لرّواد الأعمال. ويتميز رأس المال التحفيزي بمرونته وقدرته على جذب تمويل إضافي من أطراف ثالثة، والاستعداد لتحمل مخاطر غير متناسبة و/أو قبول عوائد بشروط ميسرة، والصبر في الجداول الزمنية للاستثمار، وتوفير ترتيبات تمويل مبتكرة وحسب الحاجة. علاوة على ذلك، يشكل رأس المال التحفيزي العنصر الأكثر أهمية في أي معاملة للتمويل المختلط.

ولكن بما أن معظم الدراسات لم تنظر سوى في وجهات نظر المستثمرين بشأن رأس المال التحفيزي، أردنا معرفة ما إذا كانت افتراضاتهم حول قيمته تتوافق مع الآراء الفعلية لروّاد الأعمال.

ما هي المزايا التي يجدها رواد الأعمال لدى استخدامهم رأس المال التحفيزي والتمويل المختلط؟ وكيف يرون أنهم يستفيدون من التقدم في هذا المجال؟ وكذلك، ما هي التحسينات التي يرغبون في رؤيتها في جهود المستثمرين والممولين الآخرين لتعزيز الحلول التي يقودها رواد الأعمال لإحداث التغيير الإيجابي؟

وللإجابة على هذه التساؤلات، أجرت مبادرة التمويل المختلط Initiative for Blended Finance في جامعة زيورخ، ومركز بيرثا للإبداع الاجتماعي وريادة الأعمال Bertha Centre for Social Innovation and Entrepreneurship في جامعة كيب تاون، ومنظمة ’روتس أوف إمباكت‘ Roots of Impact أبحاثاً من منظور مختلف.

وبدعم من ’اتحاد رأس المال التحفيزي‘ Catalytic Capital Consortium، كان تركيزنا على المستخدمين النهائيين لرأس المال التحفيزي، وتساءلنا بجرأة: "ما الذي سيكسبه رائد الأعمال؟". وكان هدفنا فهم القيمة الحقيقية التي يجدها رواد الأعمال في هذا الشكل من التمويل وبالتالي دراسة السبل الكفيلة بتحسين هذه الهياكل. ولتحقيق ذلك طرحنا الأسئلة التالية:

  • هل يحقق رأس المال التحفيزي ثماره المرجوة؟
  • هل يقوم فعلاً بالتحفيز؟
  • ما هي السمات التي تمكّنه من مساعدة روّاد الأعمال على تحقيق مهامهم؟

"من الضروري أن يستمع الممولون إلى وجهات نظر روّاد الأعمال واحترامها من أجل تحويل رؤوس أموالهم من مجرد ’مفيدة فقط‘ إلى رؤوس أموال ’محفزة بالفعل‘".

أوجه الاختلاف بين رأس المال الي يكون "مفيداً فقط" ورأس المال "التحفيزي بالفعل"

ارتكزت أبحاثنا على مناقشات مستفيضة مع 26 من روّاد الأعمال المتمرسين الذين ينتمون إلى قطاعات متنوعة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. ويساهم كل واحد من هؤلاء بإحداث تغيير إيجابي وقد تمكنوا من تحقيق ابتكارات مهمة. مبتكرة.

وقد كشفت النتائج التي توصلنا إليها أن روّاد الأعمال هؤلاء يمتلكون وجهات نظر دقيقة ويمكنهم التعبير بدقة عما هو أكثر تحفيزاً وقيمة بالنسبة لهم. وفي حين أن شروط التمويل مهمة، إلا أن هناك عوامل إضافية ذات أهمية كبيرة أيضاً. فالأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات يفرقون بشكل لا لبس فيه بين رأس المال الذي يكون "مفيداً" فقط ورأس المال "المحفز بالفعل".

والأهم من ذلك أن تجارب روّاد الأعمال تتشكل من خلال السمات المحددة والسياق الأوسع لرأس المال التحفيزي الذي يتم تقديمه لهم.

فعلى سبيل المثال، يفضل العديد من روّاد الأعمال دمج أشكال مختلفة من التمويل ضمن جولات التمويل الواحدة (الدمج الرأسي) وكذلك عبر رحلة ريادة الأعمال بأكملها (الدمج الأفقي). ويفضل روّاد الأعمال تحقيق ذلك من خلال دمج المنح ورأس المال الميسّر مع الاستثمارات من مجموعة متنوعة من المصادر، مثل المستثمرين المؤثرين، ومؤسسات التمويل الإنمائي والمؤسسات الخيرية.

وقد وجدنا تنوعاً كبيراً وغير متوقع في تجارب روّاد الأعمال وآرائهم بشأن رأس المال التحفيزي. مع ذلك، كانت هناك سمات مشتركة تميز رأس المال التحفيزي الحقيقي، مما يبيّن أكثر ما يقدره روّاد الأعمال في هذه الاستثمارات، والذي يشمل:

  • التعرّف على المستثمرين الآخرين والموارد الميدانية.
  • المستثمرون المتعاونون يأخذون زمام المبادرة بمشاركة الأفكار وتبسيط عمليات العناية الواجبة مع المستثمرين المشاركين.
  • تصميم رأس المال ليكون مرناً وفعالاً وصبوراً وميسراً وذا سمعة طيبة للمشاريع في المرحلة المبكرة وفي مرحلة النمو. ويشمل ذلك رأس المال الذي يكافئ النتائج ويحفز الحصول على تمويل إضافي من خلال نهج المطابقة.
  • الترابط بين رأس المال والاستراتيجية، فروّاد الأعمال ينظرون إلى رأس المال على أنه أداة لتطوير أعمالهم وتنميتها. وتحقيقاً لهذا الغرض، لا بد لهم من مواءمة احتياجاتهم التمويلية مع استراتيجيتهم الأوسع نطاقاً. ولذلك فإن المستثمرين الذين يشاركون هذا المنظور الاستراتيجي الطويل المدى والعلاقة بين رأس المال والاستراتيجية هم شركاء أساسيون.
  • دعم الابتكار على المدى الطويل من خلال المنح، إذ يوفر هذا الدعم لأصحاب المشاريع القدرة على التجريب والابتكار والتحسين. وتتحمل هذه المنح المخاطر التي قد يتجنبها المستثمرون في الأسهم ولكنهم يبحثون عنها في سياق المشاريع التي توسعت وأثبتت نجاحها.
  • العلاقات مع المستثمرين الذين يحترمون المعارف المحلية لروّاد الأعمال حول إحداث الأثر ورؤيتهم للمشروع واستراتيجية الأثر الخاصة به - والذين يلخصون هذا الاحترام في شروط رأس المال نفسه. وتعتبر العلاقات الفردية مع هذا النوع من المستثمرين ذات قيمة كبيرة بالنسبة لروّاد الأعمال.
Summarised Findings Of The Entrepreneurial Perspective

كيف يمكن لمقدمي رأس المال الاستفادة من هذه الأفكار؟

إذا كنا نهتم فعلاً بقيادة التغيير الإيجابي من أجل الناس والكوكب، فمن الضروري التحقق باستمرار من افتراضاتنا. ولذلك، فإننا نحث بشدة جميع أصحاب المصلحة في قطاع التأثير على الإصغاء جيداً إلى وجهات نظر رواد الأعمال. وبما أنهم من يولّد القيمة على أرض الواقع، فإنهم قادرون على إحداث الفرق.

ونأمل أن يقوم مقدمو رأس المال التحفيزي بالاطلاع النتائج التي توصلنا إليها ومناقشتها، واستخلاص استنتاجاتهم الخاصة، وترجمتها إلى ممارسات قابلة للتنفيذ لتعزيز تأثيرها. فقد تم تصميم دراستنا لتكون بمثابة استكشاف شامل لإمكانات رأس المال لإحداث التغيير الإيجابي للمؤسسات في مرحلة مبكرة ومرحلة النمو.

وبما أن روّاد الأعمال يشكلون الرابط بين هيكل التمويل والسياق الأوسع الذي يمكن أن يكون فيه التمويل محفزاً، فإنه يمكن للمستثمرين زيادة قيمة تمويلهم إلى أقصى حد ممكن من خلال تبني الإجراءات والشروط التي تتماشى مع خطة النمو والجدول الزمني ورحلة التمويل الأوسع للشركة. وبهذه الطريقة، يمكنهم إقامة شراكة تلبي حقاً احتياجات روّاد الأعمال.

وفي حين أن هذا السياق الأوسع غالباً ما يعتبر ثانوياً، فقد أوضحت أبحاثنا أنه من الضروري أن يستمع الممولون إلى وجهات نظر روّاد الأعمال واحترامها من أجل تحويل رؤوس أموالهم من مجرد "مفيدة فقط" إلى رؤوس أموال "محفزة بالفعل".

تم نشر هذه المقالة أولاً من قبل ’نيكست بيليون‘  NextBillion وهي منصة على الإنترنت تعمل تحت رعاية معهد ويليام ديفيدسون بجامعة ميشيغان William Davidson Institute at the University of Michigan وتقوم بتسليط الضوء على التنمية من خلال قطاع المؤسسات. وقد تمت إعادة نشرها وترجمتها بإذن منها.