نماذج جديدة
بول رونالدز من منظمة إنقاذ الطفولة يطرح قضية الاستثمار المؤثِّر لسد فجوات تمويل أهداف التنمية المستدامة
الاثنين, 06 نوفمبر 2023
بول رونالدز من منظمة إنقاذ الطفولة يطرح قضية الاستثمار المؤثِّر لسد فجوات تمويل أهداف التنمية المستدامة
الاثنين, 06 نوفمبر 2023
بول رونالدز هو رئيس فريق ’جلوبال فنتشرز‘ الجديد التابع لمنظمة إنقاذ الطفولة Save the Children Global Ventures المسؤول عن توجيه التمويل المبتكر والتقنيات الجديدة لتوسيع نطاق المنظّمة. يحمل بول معه مزيجاً فريداً من خبرته في القطاع الخاص والحكومة والمنظمات غير الحكومية في هذه المبادرة. وقبل أن يشغل هذا المنصب، عمل مستشاراً أول لرئيسي وزراء في أستراليا؛ وعمل كذلك نائب الرئيس التنفيذي لمنظمة ‘وورلد فيجين استراليا‘ World Vision Australia، وشغل على مدى السنوات التسع الماضية منصب الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة في استراليا. وقاد إنشاء صندوق الاستثمار المؤثِّر التابع لمنظمة إنقاذ الطفولة أستراليا وهو المدير المؤسس له.
يبدو أن العالم يحترق: فاندلاع فصل جديد من الصراع المرير في الشرق الأوسط؛ والحرب الروسية الأوكرانية التي لا يلوح في الأفق أنها ستتراجع بعدما وصلت إليه؛ ووفقاً للأمم المتحدة، فإنّنا نشهد حالياً أكبر عدد من الصراعات العنيفة منذ الحرب العالمية الثانية.
التراجع الذي أحدثته هذه الصراعات مع أزمة المناخ وعواقب جائحة كوفيد 19 سبب تغييراً سلبياً، من حيث إنها عطَّلت التقدم الإيجابي الذي تم إحرازه في ميادين التعليم والصحة والمساواة على مدى العقود القليلة الماضية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تعيق أو تعرقل التقدُّم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs).
حتى قبل جائحة كوفيد-19، فإنَّ فجوة التمويل السنوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة قُدِّرت بحوالي 2.5 تريليون دولار أمريكي. وبعد ثلاث سنوات، تزايدت هذه الفجوة لتصبح 3.9 تريليون دولار.
فما تتعرَّض له الميزانيات العمومية الحكومية من ضغوط مالية، يمنعها من زيادة - أو حتى الحفاظ في بعض الحالات - على المستوى الحالي للمساعدات والإنفاق الإنمائي، فلذلك جميعاً بحاجة إلى إعادة التفكير فيما يمكن أن يفعله الاستثمار الخاص والعمل الخيري لجعل عالمنا مكاناً أفضل للعيش.
ففي الغالب لم يتم الاعتراف بالعمل الخيري على الوجه الذي يستحقه. ففي تقرير حديث صادر عن مجموعة سيتي (Citi) قُدِّرت قيمة العمل الخيري العالمي (بما في ذلك قيمة التطوع) بمبلغ 2.3 تريليون دولار أمريكي، أي ما يعادل ثلاث بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
"نحن جميعاً بحاجة لنعيد التفكير فيما يمكن أن يفعله الاستثمار الخاص والعمل الخيري ليجعل من عالمنا مكاناً أفضل للعيش".
ومع ذلك، فإن العمل الخيري يشهد لا يبقى على نفس الحال، ويبتعد بعض المانحين عن الأساليب التقليدية في التعامل مع العطاء. ووفقًا لتقرير العطاء الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية Giving USA 2023، انخفض إجمالي العطاء في عام 2022 بنسبة 10.5 بالمئة (بعد التعديل الذي فرضته حالة التضخُّم) - على الرغم من أن هذا جاء بعد عامين من التبرعات التي بلغت أرقاماً قياسية خلال الوباء العالمي.
وخلال العام الماضي، أنهى سليل إحدى أغنى العائلات في العالم أنشطته الخيرية. ويعلِّق أندريه هوفمان الذي تقدر قيمة حصة عائلته في شركة روش (21.65 مليار دولار)، على الأمر بأنَّه أغلق مؤسسة مافا لأن تحويل الأموال على المدى الطويل لمجرد شعور الشخص بالذنب تجاه المحتاجين لا يعتبر مساعدة وكان ذلك بحسب هوفمان "استراتيجية لا معنى لها"، على حد قوله.
في غضون ذلك، وجد استطلاع أجرته منظمة ’فيديليتي تشاريتابل‘ Fidelity Charitable في عام 2022 أنَّ 62 بالمئة من المتبرعين من جيل الألفية (الذين ينتمون للمرحلة من نهاية الثمانينات وحتى يومنا هذا) يعتقدون أن الاستثمار المؤثِّر له إمكانات أكبر من الأشكال التقليدية للعمل الخيري لإحداث تغيير إيجابي طويل الأجل.
وبعد عقدين من الزمن قضيّْتها في قطاع المنظَّمات غير الحكومية، أتعاطف مع هذا الرأي. إذ أن النهج التقليدي لا يحقق لتمويل المعونات والتنمية إنجازاتٍ على نطاق واسع يحتاجها أكثر الناس حرماناً في هذا العالم.
أبرز تقرير صادر عن مجموعة Unlock Aid Group أن عدداً قليلاً فقط من المتعهدين الربحيين والمنظمات غير الحكومية الدولية الكبرى كانت قادرة على استيعاب منح التمويل الضخمة التي تُمنح عادةً في مجال المساعدات والتنمية. وهذا يمنع لاعبين جدد من دخول القطاع، وهو ما يعمل على إحباط الابتكار الذي يغير قواعد اللعبة ويمنع نوع التعاون الذي من شأنه أن يسمح بالاستخدام الموسع لأساليب مبتكرة وقابلة للتطوير.
لا تنجح الأساليب التقليدية المتبعة في التمويل في مجال العطاء في تحفيز النتائج وتؤدي إلى نقص الاستثمار النظامي في التقنيات الجديدة التي قد تزيد بشكل كبير من تأثيرنا.
تعطي العديد من المنح الحكومية والخيرية الأولوية لضمان استيفاء المستفيدين من الأموال لمعايير الامتثال هذه بدلاً من التركيز على النتائج الفعلية أو النتائج التي تم تحقيقها. ويتعارض تحمل المانحين المنخفض للمخاطر وهياكل الدفع قصيرة الأجل مع نوع النموذج المالي المطلوب لرعاية تطوير نماذج أعمال جديدة قائمة على التكنولوجيا.
استجابة لهذه التحديات، أطلقت منظَّمة إنقاذ الطفولة أول صندوق استثمار للتأثير تديره منظمة إغاثة في أستراليا وأول صندوق استثمار يركِّز على الطفل في العالم.
ومن خلال التمويل الأولي الذي قدَّمته منظَّمة إنقاذ الطفولة، وعملاق التأمين QBE، وبعض المؤسسات الخيرية الأخرى، في غضون ثلاث سنوات، استثمر صندوق ’جلوبال فينتشرز‘ Global Ventures في الشركات الناشئة في مجالات التعليم والصحة وحماية الطفل – وكانت جميع المشاريع تتماشى بشكل وثيق مع مهمة وخبرة منظَّمة إنقاذ الطفولة في المجال.
كان أحد استثماراتنا المبكرة في المؤسسة الاجتماعية ’ثينك ام دي‘ ThinkMD التي تعمل في مجال إنقاذ حياة الناس، وهي شركة طورت برامج ذكية تساعد العاملين الصحيين المجتمعيين في الخطوط الأمامية في أماكن مثل بنغلاديش على تحسين تشخيص صحة الأم والطفل.
في الواقع، تشير الأبحاث التي تم مراجعتها من قبل الأقران إلى أنه عند استخدام التكنولوجيا، يبدي العاملون الصحيون المجتمعيون الأقل تعليماً بين 90-95 بالمئة نفس فعالية الأطباء الأمريكيين في تشخيص مثل هذه المشاكل.
نحن الآن بصدد نشر هذه التكنولوجيا في أكثر من 50 دولة، مما يوفر عائداً مالياً لمنظّمة ‘ثينك ام دي‘، ولكننا نقدم أيضاً مساهمة كبيرة في تحقيق هدف التنمية المستدامة الثالث للأمم المتحدة المتمثِّل في ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية لجميع الناس من كل الأعمار.
شكَّل هذا الصندوق الأول من نوعه نموذجاَ تجريبياً لإثبات جدوى الفكرة. وجُمِعَ مبلغ 7.42 مليون دولار أسترالي (أي ما يعادل 4.8 مليون دولار أمريكي) لدعم الشركات التي تؤكد على الابتكار الاجتماعي وتعالج القضايا الاجتماعية والإنسانية الملحَّة.
نفخر اليوم بإطلاقنا لصندوق ثانٍ وأكبر من سابقه لتوسيع نطاق الفكرة. ونعمل على تكثيف جهودنا لتحقيق هدفنا المالي لتغطية الصندوق الثاني، بهدف الحصول على 25 مليون دولار أسترالي (ما يعادل 16.3 مليون دولار أمريكي) وهذا يبرز اعتقادنا بأنه لتسريع التقدم في القضايا الأكثر أهمية التي تؤثر على الأطفال، لا يمكننا الاعتماد على نماذج التشغيل الخيرية التقليدية وحدها.
والآن، يجب علينا أن نجد أساليب جديدة للتدخل تكون أكثر كفاءة وفعالية لدفع تغيير الذي يحقق النتائج المرجوة، وهذا يتطلب توفير رأس مال يحتمل ما يتطلَّبه دعم الإبداع والابتكار.
مساعدة الأطفال على الاستمرار في التعلُّم وأن يكبروا وهم يتمتعون بصحة جيدة والبقاء آمنين، مع العمل أيضًا على وضع حلول لمعالجة تغيَّر المناخ هي مجالات التأثير الرئيسية لهذا الأمر بحد ذاته.
وبالطبع، لسنا وحدنا. تتبنى الآن عدد من المؤسسات الخيرية الرائدة الأخرى وبعض المؤسسات الخيرية الأكثر تقدماً في العالم استراتيجيات مماثلة لما نتبعه.
في الوقت الحالي، يعد هذا الاستثمار قطرة في البحر مقارنة بما هو مطلوب لتلبية الحاجة في عالمنا. ومع ذلك، فهو نهج يعطي أملاً جديداً.
وفي الوقت نفسه، هناك مصدر ضخم غير مستغل لتمويل الاستثمار الاجتماعي يمكن استخدامه لعطاء لا حدود له. ويستمر في النمو كل عام.
تسمح العديد من البلدان للأثرياء بإنشاء مؤسسات خاصة (غالباً ما تسمى الصناديق التي يُنصح بها المانحون أو اختصاراً DAFs). توفر هذه الصناديق، التي يتم إنشاؤها لأغراض خيرية، خصماً ضريبياً فورياً، ولكنها تسمح بنشر الأموال المتبرع بها على مدى فترة أطول.
ولكن هل أنت تقوم حقاً بزيادة الأهداف الاجتماعية لمؤسستك إلى الحد الأقصى إذا خصصت خمسة بالمئة فقط لخير ينفع المجتمع واستثمرت بقية الأموال في الأسهم والسندات التي لا علاقة لها بالمهمة؟
لدى الكثير من فاعلي الخير والمؤسسات الخيريَّة ما تصنفه الشركات كـ "ميزانيات عمومية كسولة". وغالباً ما تتبنى مجالس إدارة هذه المؤسسات وفرق إدارتها نهجاً متحفظاً للغاية لاستثمار هذا الفائض عندهم، مما لا يُسْهِم إلّا بالنذر اليسير في دعم مهمة المؤسسة الخيرية.
وهذا يصحُّ بشكل خاص عندما يمكن للاستثمار في الصناديق الاجتماعية مثل منظَّمة "أنقذوا الأطفال" وصندوق جلوبال فينتشرز، في بعض الحالات، تقديم عوائد تجارية بنسبة 10 بالمئة أو أكثر.
في حين أن الأعمال الخيرية التقليدية والمساعدات الحكومية عندهم حدود معيّنة، إلّا أنهم لم يزل لديهم دور حاسم ليقوموا بِه. ومن الخطأ القول إنه هناك تناقض بين الخيارين، القيام بالعمل خيري من جه وأن تحقق أعمالك عائداً ربحياً، كما يحصل في حالة الاستثمار المؤثر. في الحقيقة نحن بحاجة لكليهما معاً.
هناك بعض المهام التي يتمتع العمل الخيري بمكانه المناسب للقيام بها - مثل توفير الإغاثة الإنسانية في حالات الطوارئ، والعمل في أماكن عالية الخطورة والحساسية.
وهناك أمل إلى حدٍ ما في أن تبقى الأعمال الخيرية مزدهرة. فكما تشير التقديرات إلى أن 2.4 مليار شخص سيدخلون صفوف الطبقة الوسطى بحلول عام 2030. هناك أيضًا توقعات بأن النساء سيرثن 70 بالمئة في عملية نقل الثروة بين الأجيال بحلول عام 2035.
يجادل المحللون بأن هذين الاتجاهين، بالإضافة إلى إعادة ضبط التبرعات الخيرية بعد الجائحة، يمكن أن يؤدي إلى عودة الأعمال الخيرية بالإضافة إلى الفضول حول الآليات والطرائق الجديدة.
ولكن بالنظر إلى حجم التحديات التي يواجهها عالمنا، سنحتاج إلى كل من العمل الخيري والاستثمار الاجتماعي على نطاق واسع إذا أردنا أن يكون لدينا أي أمل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في أكتوبر 2023، قاد بول رونالدز ورشة العمل التي نظمتها نتصة سيركل حول دور العمل الخيري الاستراتيجي في حل أزمة المناخ في جامعة نيويورك أبوظبي.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here