العطاء في حالات الطوارئ

موارد من تجميع منصة سيركل تقدم كل ما يجب أن تعرفه عن توفير التمويل في الأزمات

Panos 00346721

توضّح هذه الصفحة التي تم تجميعها من مصادر متنوعة المسارات المختلفة التي يمكن أن يتبعها رّواد العطاء والممولون من الشركات الذين يرغبون في الاستجابة لحالات الطوارئ الإنسانية. وفي إطار هذا الجهد، قمنا بتجميع مجموعة مختارة من الموارد والأدلة الإرشادية والمقالات لمساعدة الجهات المانحة على العطاء بأكبر قدر ممكن من الكفاءة والفعالية في أعقاب الأزمات مباشرة والنظر كذلك في كيفية دعم المجتمعات المتضررة على المدى الطويل أثناء سعيها لإعادة الإعمار بعد الكارثة أو النزاع.

يختلف العطاء في الأزمات عن العمل الخيري المعتاد. فالوقت يشكل عنصراً مهماً، لكن القرارات لا بد أن تتخذ بسرعة من دون أن تكون عشوائية لأن التمويل غير المدروس في حالات الطوارئ يمكن أن يضر أكثر مما ينفع، ما قد يؤثر سلباً على الأسواق والموردين المحليين ويتسبب في ازدواجية المساعدات، وفي بعض الحالات، قد يخلق نوعاً من التبعية بدلاً من بناء القدرة على الصمود.

وخلال عام 2023، من المتوقع أن يحتاج 339 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية والحماية، وهو ما يشكل عدداً قياسياً يزيد كثيراً عن عدد الـ274 مليون شخص الذي كان متوقعاً في بداية عام 2022. ويعزى هذا الارتفاع الحاد في الاحتياجات إلى مجموعة من العوامل أبرزها الظواهر الجوية المرتبطة بتغير المناخ التي تتسبب بالجوع وعدم الاستقرار الاقتصادي والنزوح الجماعي والنزاعات المسلحة الحديثة والممتدة، وصدمات أسعار الغذاء والوقود ذات الصلة، والآثار المترتبة على جائحة كوفيد -19.

وفي ديسمبر عام 2022، أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) نداءً إنسانياً قياسياً، وطلب من المانحين بالمساهمة بمبلغ 51.5 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 25 في المئة عن عام 2021.

ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا):

  • يحتاج واحد من كل 23 شخصاً حول العالم إلى المساعدات الإنسانية والحماية.
  • يعاني أكثر من واحد في المئة من سكان العالم من النزوح.
  • استأثرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على 30 في المئة (15.7 مليار دولار) من الاحتياجات الإنسانية.
  • تعتبر الصراعات في اليمن وسوريا وفلسطين أكبر الأزمات في المنطقة، حيث تؤثر على نحو 58.2 مليون شخص.
  • يتم تمويل أقل من نصف الاحتياجات الإنسانية على مستوى العالم.

وفي هذا الإطار، أفاد مارتن غريفثس، منسق الإغاثة فـي حالات الطوارئ أنه في "هذا العام، تسبب الصراع الطاحن وأزمة المناخ الفتاكة والأوبئة الصحية ومنها الكوليرا وكوفيد-19 في مستويات قياسية من المجاعة والنزوح والفقر المدقع، مما جعل تحقيق المساواة للنساء والفتيات بعيدة المنال أكثر فأكثر".

من الواضح أن الاحتياجات ضخمة ومن المرجح أن تتفاقم خلال الأشهر القادمة. من هنا، تسعى هذه الصفحة إلى مساعدتك في تحديد ما الذي يمكن للمانحين القيام به من أجل المساعدة، ومعرفة المزيد عن الجهود المبذولة والجهات التي تقوم بها وفي أي المناطق والمجالات وكيفية تقديم التمويل بطريقة منصفة ومستدامة. كما سنقوم بتحديث الصفحة بانتظام لإضافة موارد جديدة.

مجالات التمويل

تعد الاحتياجات في الأزمات واسعة ومتنوعة ولذلك فإن المجتمعات المتأثرة تكون بحاجة إلى الدعم في العديد من المجالات. وهناك الكثير من الطرق التي يمكن لتمويلك المساعدة من خلالها.

  • المأوى. قد يشمل ذلك إصلاح الممتلكات المتضررة، أو توفير أماكن إيواء مجتمعية في البيئات الحضرية، أو توفير المواد للناس كي يتمكنوا من بناء أماكن الإيواء المؤقتة الخاصة بهم في بيئة المخيمات.
  • المياه والصرف الصحي. يعتبر توفير المياه والصرف الصحي، الذي غالباً ما يشار إليه بالاختصار WASH (المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية)، أمراً أساسياً في أي حالة طوارئ. فالفيضانات، على سبيل المثال، يمكن أن تتسبب في تلوث مصادر المياه، وقد تؤدي جميع الأزمات إلى إيواء أعداد كبيرة من الأشخاص بشكل غير رسمي وتركهم من دون مرافق صحية كافية، ما يشكل بيئة خصبة لانتشار الأمراض. ولذلك من الأهمية بمكان توفير مياه الشرب الآمنة وحلول إدارة النفايات (لا سيما المراحيض وكبائن الاستحمام)، وتحسين ممارسات النظافة (توفير الصابون وفرش الأسنان والأمشاط).
  • الغذاء والتغذية. يعد توفير الغذاء للنازحين والمتضررين من الأزمات أحد أكثر أنواع المساعدة إلحاحاً التي يمكن للمستجيبين توفيرها، وقد يشمل ذلك توزيع الأرز والحبوب الأخرى والأطعمة المعلبة والحليب المجفف وحليب الأطفال وغيرها. وفي الكثير من الحالات، قد يعاني الأطفال والنساء الحوامل أو المرضعات من سوء التغذية الشديد وقد يحتاجون كذلك إلى برامج التغذية العلاجية أو التكميلية.
  • المواد غير الغذائية. يشمل ذلك العناصر الأساسية غير القابلة للتلف مثل الملابس والأحذية والسترات والبطانيات وحاويات المياه والدلاء وأواني الطهي والمقالي وأجهزة التدفئة والمصابيح الكهربائية أو التي تعمل بالطاقة الشمسية.
  • الحماية. هي الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى ضمان حماية حقوق جميع المتضررين وسلامتهم وأمنهم. وقد تشمل تسجيل طالبي اللجوء أو اللاجئين (في حالات النزوح)، والحماية من العنف الجنسي والجنساني والاستغلال، ولم شمل الأسر، وتوفير أماكن الإيواء المخصصة للقصر غير المصحوبين بذويهم أو النساء المعنفات، وتوفير المساعدة القانونية.
  • المساعدات النقدية. يسمح تقديم المساعدات النقدية أو القسائم الشرائية مقابل السلع أو الخدمات للمتضررين من الأزمات باختيار الطريقة التي يساعدون بها أنفسهم، لا سيما إذا كانوا يعيشون في المدن أو المناطق الحضرية. ويمكن للمتضررين استخدام المال لشراء الطعام أو الكساء أو مواد الإيواء أو مستلزمات العمل، ما يحفظ كرامتهم ويسمح لهم بالاختيار بدلاً من المعاناة من التبعية الهشة. وتدير العديد من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية برامج خاصة بتقديم المساعدات النقدية.
  • التعليم. في الأيام التي تلي وقوع كارثة، قد لا يعتلي التعليم سلم الأولويات، إلا أن تقريراً حديثاً للأمم المتحدة يشير إلى أن أكثر من ثلث الـ 222 مليون طفل في سن الدراسة الذين يعيشون في مناطق تعاني من حالات طوارئ مستمرة غير ملتحقين بالمدارس. ولذلك من الأهمية بمكان ضمان استمرار حصول الأطفال على التعليم وإلا سيتعرضون لخطر الانقطاع النهائي عن المدارس حتى وإن تمكنوا من العودة إلى ديارهم.
  • الصحة والأدوية. يمكن أن يتنوع ذلك من تقديم الإسعافات الأولية للجرحى جراء النزاعات أو الكوارث البيئية، وتوفير اللقاحات والتدخلات المنقذة للحياة أثناء تفشي الأمراض، وتدخلات صحة الأم والطفل، إلى توفير الوصفات الطبية المنتظمة مثل الأنسولين لداء السكري أو أدوية القلب.
  • الطاقة. قد يتم إهمال إمدادات الطاقة كجزء ضروري من الاستجابة للأزمات. فمن الممكن أن تتعرض هذه الإمدادات للانقطاع أو حتى التدمير بشكل كامل في حالات الطوارئ كالفيضانات وحرائق الغابات والأعاصير والحروب. ومن شأن ذلك أن يترك قرىً بأكملها من دون تدفئة أو كهرباء أو إنارة، ما يؤدي إلى تعطيل الخدمات في المستشفيات والمدارس وانقطاع إمدادات المياه. ويمكن أن يشمل دعم مشاريع الطاقة وتوفير الحلول المؤقتة لإعادة الطاقة إلى المناطق المتضررة تقديم المولدات التي تعمل بطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو الطاقة الهجينة ومضحات المياه وإتاحة الوصول إلى الوقود الذي يتسم بالكفاءة والصديق للبيئة وبناء المزارع الشمسية وشراء الغاز النفطي المسال وتوزيعه كبديل صحي للحطب المستخدم كوقود للطهي.
  • الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي. يعد دعم الصحة العقلية أمراً مهماً في جميع الحالات التي يتأثر فيها الأشخاص بالأزمات لا سيما عندما يكونون قد نزحوا نتيجة للعنف أو تعرضوا للاضطهاد والاعتداء والاستغلال الجسدي أو الجنسي. وتشمل البرامج التي يمكن دعمها الإسعافات الأولية النفسية، والعلاج النفسي، وإعادة التأهيل، والمساحات الصديقة للطفل.

الجهات التي يمكن تمويلها


عندما تتصاعد وتيرة نزاع أو تحل كارثة أو يحدث تفشٍ لمرض ما، يستطيع رواد العطاء والمحسنون أن يفعلوا الكثير من أجل المساعدة. لكنهم غالباً ما يكونون على بعد أميال عديدة من مكان الأزمة، ولذلك ما لم تكن لديهم علاقات مباشرة مع المجتمع المتضرر، فقد يكون من الصعب عليهم معرفة الجهات التي يجب عليهم الاتصال بها وكيف يمكنهم تقديم المساعدات.

إلا أن هناك العديد من الخيارات أمامهم ومن أبسطها الاستجابة لنداء الأمم المتحدة أو جمعيات الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر. للعثور على جمعية محلية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر، يمكنك زيارة هذا الدليل على الموقع الإلكتروني للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وهناك خيار آخر وهو تقديم الدعم لمنظمة غير حكومية دولية، مثل إنقاذ الطفولة أو أطباء بلا حدود أو لجنة الإنقاذ الدولية أو منظمة أوكسفام. وتطلق العديد من هذه المنظمات نداءات دولية لحشد التبرعات، إلا أن جمعها سيكون بالدولار الأمريكي أو الجنيه الإسترليني أو اليورو، لذلك قد ينتهي بك المطاف بدفع رسوم ضخمة لتحويل العملات بحسب الطريقة التي ستتبعها في تقديم التبرعات.

وفي دول الخليج، تطلق الوكالات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وجمعيات الهلال الأحمر نداءات إقليمية للحصول على التمويل من أجل الاستجابة للأزمات الخارجية. ومن الأمثلة على مثل هذه الاستجابة الإقليمية الحملة التي أطلقتها مفوضية الأمم المتحدة للاجئين لجمع أموال إضافية لدعم اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال فصل الشتاء. كما تقوم اليونيسيف بجمع التبرعات من الشركات الخليجية لتمويل استجابتها للفيضانات في باكستان. وفي الحالتين، تقبل المنظمات التبرعات الفردية عبر الإنترنت بالإضافة إلى الهبات الأكبر حجماً المقدمة من الشركات.

كما يوجد لدى العديد من وكالات الأمم المتحدة مكاتب لمنطقة الخليج في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض المنظمات غير الحكومية الدولية. وقد اختارت منظمات أخرى، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة)، ومنظمة العمل الدولية مدينة الكويت لاستضافة مكاتبها لمنطقة الخليج. أما بالنسبة لمنظمات الأمم المتحدة التي لا يوجد لها مكاتب في دول الخليج، فيمكنك الحصول على تفاصيل الاتصال بأقرب مكتب لها بزيارة الموقع الالكتروني التالي.

مع ذلك، إذا كنت ترغب في تقديم تبرع سريع لأزمة ما فقط، فيمكنك الاطلاع على منصة ’يلا غيف‘ YallaGive التي يقع مقرها الإمارات العربية المتحدة، أو تطبيق ’جف‘ لجمع التبرعات في الكويت أو موقع Donate.om العُماني، أو ’خير بلس‘ في البحرين. فهذه المنصات تدرج الجهات المرخصة التي تقوم بجمع التبرعات لمجموعة متنوعة من القضايا، من بينها نداءات الاستجابة لحالات الطوارئ.

لكن تذكر أن هناك قواعد صارمة لجمع التبرعات في المنطقة ولذلك عليك تقديم التبرعات للمؤسسات أو الحملات الخيرية المرخصة فقط.

العطاء على الصعيد المحلي

غالباً ما تكون المنظمات المحلية أو مجموعات المجتمع المدني أو الكيانات الدينية هي أول من يقوم بالاستجابة خلال الأزمات. ومن المرجح أن يكون هؤلاء المستجيبون المحليون الأصغر حجماً أنفسهم هم أيضاً الجهات التي سيتم التعاقد معها من قبل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية لتقديم البرامج التي تروّج لها على صفحاتها العالمية لجمع التبرعات.

ويمكن للتبرع المباشر لهذه المنظمات أن يُسهم في إيصال الأموال إلى حيث تشتد الحاجة إليها بشكل أسرع، كما أنها طريقة تسمح لروّاد العطاء والمحسنين بتمكين المجتمعات من الاستجابة لتحدياتها بطريقتها الخاصة دون إجبارها على الاعتماد على المساعدات الخارجية.

علاوة على ذلك، يدرك المستجيبون المحليون تماماً الاحتياجات ويعرفون كيف يصلون إلى الفئات الأكثر ضعفاً التي قد تغفل عنها وكالات المعونة الدولية لأنها أقل وضوحاً في المجتمعات بسبب عوامل مثل أماكن تواجدها وحواجز اللغة والمعايير الثقافية.

مع ذلك، عادة ما يبتعد روّاد العطاء والمانحون من الشركات والحكومات عن هذا النوع من العطاء على المستوى المحلي لأنه ينطوي على مخاطرة. فكيف يمكنك الوثوق بهذه المنظمات الأقل شهرة إذا كنت لا تعرف الكثير عنها؟ ماذا لو كانت تنتمي إلى جماعات سياسية محظورة أو إجرامية؟ هل تتقن هذه المنظمات تماماً ما تقوم به، وهل ستنفق أموالك بفعالية؟

تختلف الرغبة في المخاطرة من متبرع لآخر ويمكن في الكثير من الحالات التخفيف من حدتها من خلال توخي الحرص الواجب، وهي مهمة عادة ما تتحملها المنظمات غير الحكومية الدولية في حال قررت تقديم عطائك من خلالها. مع ذلك، لا تزال هناك العديد من الحواجز الهيكلية، من بينها:

  1. لا تتمتع العديد من المنظمات الأصغر حجماً من دول الجنوب بالمقدرة على ملء الطلبات الخاصة بالجهات المانحة ناهيك عن القدرة على إنفاق أموالها بشكل فعّال.
  2. بالمثل، لا تمتلك الجهات المانحة القدرة الإدارية على التبرع بمبالغ صغيرة من المال.
  3. تجعل القوانين الصارمة لمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال التبرع المباشر أمراً صعباً.
  4. غالباً ما تتعرض الجهات المانحة لضغوطات سياسية لتقديم التمويل من خلال المنظمات في بلدانها الأصلية.

لمساعدة المنظمات الصغيرة التي تعمل على الخطوط الأمامية لتصبح مؤهلة للحصول على تمويل خارجي، انظر في التبرع بشكل يتسم بالمرونة وعلى مدى سنوات عديدة وبتخصيص جزء من أموالك لدعم قدراتها الداخلية.

الاستجابة على مستوى القاعدة الشعبية

تشكل التداعيات المترتبة على انفجار مرفأ بيروت في أغسطس عام 2020 دليلاً قوياً على أهمية العطاء على المستوى المحلي. فعلى الرغم من تدفق مبالغ كبيرة من أموال المساعدات الثنائية والدولية إلى لبنان في أعقاب الانفجار، إلا أن المنظمات غير الحكومية المحلية ومجموعات الشتات ومجموعات المجتمع المدني والشركات والأفراد هم في الحقيقة من قاد الاستجابة على أرض الواقع.

وفيما يلي نوضح كيفية قيام ست منظمات مختلفة للغاية بدعم المجتمعات وإعادة البناء بعد الانفجار:

    • إمباكت لبنان‘ هي مبادرة أطلقها أعضاء من الشتات اللبناني لدعم النشاط المجتمعي وروّاد الأعمال والمنظمات الشعبية في وطنهم الأم. كانت ’إمباكت لبنان‘ أول من أطلق نداء للتمويل الجماعي عبر الإنترنت بعد الانفجار تمكّن من جمع أكثر من 6 ملايين دولار، من بينها تبرعات من مشاهير مثل مادونا وجورج وأمل كلوني. وفي غضون عام، كانت المنظمة قد قدمت الدعم لـ 18 منظمة محلية من أجل ترميم أكثر من 1,800 منزل و168 موقعاً تراثياً وساعدت مئات الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر من خلال تقديم المنح النقدية وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي.
    • الفنار هو أول صندوق خيري في المنطقة وأحد الجهات المتلقية لمنح ’إمباكت لبنان‘ يركز على تقديم الدعم المستدام للمجتمع في مجالات التعليم وتوظيف الشباب والتمكين الاقتصادي للمرأة. وفي أعقاب الانفجار، قدمت الفنار التمويل للمؤسسات الاجتماعية في محفظتها من أجل إعادة بناء الشركات والمدارس وإصلاحها. كما أوجدت 110 فرصة عمل للشباب اللبنانيين من الفئات المحرومة في قطاع البناء وأمنت توصيل الطعام لآلاف الأسر.
    • باب وشباك هي مبادرة شعبية ارتجالية جمعت نحو مليوني دولار وحشدت المواهب المحلية، لا سيما المهندسون المعماريون والنجارون، لإصلاح نحو 830 منزلاً ومدرسة ملعب.
    • بسمة وزيتونة هي منظمة غير حكومية شعبية يقع مقرها في بيروت تأسست في البداية لتوفير التدريب المهني والدعم للاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان. لكن بعد الانفجار الذي هز العاصمة اللبنانية، جمعت المنظمة 2.2 مليون دولار، معظمها من منظمة ’إمباكت لبنان‘ ومؤسسة القلب الكبير الإماراتية، لإصلاح أكثر من 100 منزل وتوفير الطعام والمياه والمأوى المؤقت للاجئين المتضررين والمواطنين اللبنانيين والمقيمين في بيروت.
    • فابريك إيد‘ هو مشروع اجتماعي يقوم بجمع الملابس المستعملة وإعادة تدويرها وبيعها. وعلى الرغم من تدمير أحد مباني المؤسسة في الانفجار إلا أنها قامت بتوظيف شبكتها ومواردها، لا سيما الشاحنات والمخازن والموظفين، لحشد التمويل وإزالة الأنقاض من الشوارع وإصلاح أكثر من 50 مبنى في الأسابيع التي أعقبت الانفجار.
    • مؤسسة الشرق الأدنى هي منظمة غير حكومية دولية تعمل في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا مع التركيز بشكل خاص على دعم سُبل كسب الرزق. وقد أطلقت المؤسسة صندوق استعادة سُبل العيش في بيروت بعد الانفجار وتمكنت من جمع 400,000 دولار. واستخدمت مؤسسة الشرق الأدنى هذه الأموال للعمل مع شركاء محليين ودوليين لدعم 130 مشروعاً من المشاريع المنزلية الصغيرة المتأثرة بالانفجار من أجل إعادة البناء واستئناف أعمالها وتقديم منح النقد مقابل العمل لدفع رواتب التجار المحليين.

للمزيد من المعلومات حول الاستجابة لانفجار بيروت، يمكنك الاطلاع على هذه المقالة على موقع ’زمن العطاء‘.

بناء القدرات

هناك إدراك متزايد لأهمية الاستثمار في قيادات وقدرات المنظمات المحلية التي تقف على الخطوط الأمامية في التصدي للأزمات. فإذا لم تتلقى المنظمات غير الحكومية الصغيرة التمويل بشكل مباشر فلن تتمتع أبداً بالقدرة على الوفاء بمطالب مانحيها ذات الصلة بالإبلاغ والمساءلة.

بالمثل، هناك حساسية متزايدة تجاه الحاجة إلى إنهاء الاستعمار في قطاع المساعدات والتنمية والعمل الخيري وجعل الإجراءات قائمة بشكل أكبر على المشاركة والإنصاف. فمن غير المنطقي أن تقرر منظمة غير حكومية دولية يقع مقرها في الولايات المتحدة أين وكيف تقدم الدعم لمجتمع متضرر من الفيضانات في باكستان، بل لا بد أن تكون المجتمعات التي تعاني من الأزمات نفسها يقود تلك الاستجابات.

مع ذلك، لم يمثل التمويل المباشر للجهات الفاعلة المحلية والوطنية في عام 2021 أكثر من 1.2 في المئة من التدفقات المالية العالمية للمساعدات الإنسانية.

وخلال جائحة كوفيد-19، عندما تعطلت حركة السفر بشدة ووقعت الاستجابة للأزمات على عاتق المنظمات المحلية، كان هناك تحوّل ملحوظ في أوساط الجهات المانحة نحو تمويل المنظمات الأصغر حجماً. غير أن تقريراً صدر في ديسمبر 2022 عن تحالف تمكين الشراكات Alliance for Empowering Partnership (a4ep) أشار إلى أن هذا التوجه قد انعكس منذ ذلك الحين وأن الجهات المانحة بدأت من جديد بالتركيز على الوكالات الدولية بدلاً من المستجيبين المحليين.

مع ذلك، هناك مبادرات عديدة تسعى للتصدي لهذا الخلل من بينها مبادرة ’تعهد من أجل التغيير‘ Pledge for Change التي تم إطلاقها في أكتوبر عام 2022 وتحدد مساراً طموحاً لإصلاح المنظمات غير الحكومية بحلول عام 2030 يقوم على ثلاثة جوانب رئيسية هي:

  1. شراكات منصفة - على سبيل المثال، القيام بالتنفيذ المباشر فقط عندما لا تتوفر القدرات الوطنية أو المحلية الكافية لتلبية الاحتياجات.
  2. روايات أصلية - الابتعاد عن السرد المرتبط بوجهة نظر العرق الأبيض ووضع حد للغة التي تصور متلقي المساعدات على أنهم ضحايا عاجزون.
  3. إحداث تغيير أوسع نطاقاً - التقليل من الاختلال في توازن القوى في مشهد تقديم المعونة الأوسع.

يعد مركز العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث Center for Disaster Philanthropy، ومقره الولايات المتحدة، صوتاً بارزاً في دعم المستجيبين المحليين خلال الأزمات. ويضم دليله الذي يحمل عنوان العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث أقساماً كاملة تتطرق للطريقة التي يمكن من خلالها تقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية والتحقق منها، مثل صحيفة الإرشادات بشأن القيادات المحلية في المجال الإنساني ودليل التحقق من المنظمات غير الحكومية من أجل التعافي من الكوارث، الذي يمكنك قراءة المزيد عنه في قسم القراءات الإضافية في أسفل هذه الصفحة.

العطاء بشكل مباشر أو من خلال التبرعات العينية

في حال وقعت كارثة في مسقط رأسك أو في بلدك وأردت تقديم المساعدة، إليك خمسة أمور لا بد من مراعاتها قبل أن تسارع بفتح محفظتك:

  1. حدد الجهات الفاعلة التي تقوم بالاستجابة على الأرض.
  2. لا تقدم على شحن المساعدات العينية ما لم تكن موجودة في القرية أو البلدة المجاورة.
  3. تعرّف على الجهات التي تقوم بإنتاج المواد الإغاثية وتوريدها محلياً وقم بالتبرع لها.
  4. قدم الموارد (بما في ذلك الموظفين المدربين والمستودعات والأموال للمولدات) لمنظمات الاستجابة المحلية لتعزير قدراتها بشكل مؤقت.
  5. قم بالتعاون والتنسيق مع روّاد العطاء الآخرين واجمع الموارد لدعم الجهات الفاعلة المحلية.

إعادة التوازن

يضع العديد من المانحين أنفسهم من دون قصد في صميم عملهم الخيري ويركزون على حجم المساعدة التي قدموها وتأثير مساهماتهم. لكن يجب عليهم عوضاً عن ذلك الإصغاء إلى المجتمعات المتأثرة لأنها أكثر دراية على الأرجح باحتياجاتها، ولذلك من الأهمية بمكان منح هذه المجتمعات كرامة الاختيار وإفساح المجال لها للمشاركة في القرارات المتعلقة بحياتها.

للمزيد من المعلومات حول اختلال موازين القوى في العمل الخيري، شاهد هذه المحاضرة عبر الإنترنت بعنوان "إنهاء الاستعمار في العمل الخيري"، التي أدرتها مجلة ’ألاينس‘ Alliance Magazine وشارك فيها مجموعة من الخبراء العالميين من بينهم شونالي بانيرجي، كبيرة الباحثين في مركز العمل الخيري الاستراتيجي في جامعة كامبريدج، وإيفان مور، الرئيسة التنفيذية ومؤسسة مور للاستشارات الخيرية، وإيرفي شريرام، المسؤولة في مركز العمل الخيري للعدالة الاجتماعية التابع للكلية الهندية لإدارة التنمية، والدكتورة جيسيكا سكلير، المحاضرة في كلية الأعمال والإدارة وزميلة معهد العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية في جامعة كوين ماري لندن.

فيما يلي بعض نقاط البارزة التي تطرقت لها المناقشات:

  • المنظمات في الشمال العالمي أو المستعمرون السابقون ليسوا هم فقط المتهمين بممارسة "استعمار العمل الخيري" بل ثمة حالات تحاول فيها المؤسسات الخيرية والمكاتب العائلية والمنظمات المانحة الموجودة في الجنوب العالمي "محاكاة ما ترى أنه أفضل الممارسات الغربية"، كما أفادت بانيرجي.
  • تبدي العديد من المنظمات استعدادها لإجراء المناقشات لكنها تقاوم تغيير سلوكها - أي السيطرة على الآخرين - وهو أمر مهم للغاية لـ ’إنهاء الاستعمار‘ في مجال العمل الخيري.
  • من أجل القضاء على السلوك الاستعماري في العمل الخيري، يجب أن نعي تماماً مدى ترسخ الاستعمار، ليس فقط في قطاع العمل الخيري، وندرك أنه ما يزال موجوداً على شكل انعدام المساواة والتمييز على أساس الطبقة والتحيز الجنساني في النظام الرأسمالي العالمي بأسره.

خمس طرق لجعل عطائك أكثر إنصافاً:

تقول ’فيداليتي تشاريتبل‘ Fidelity Charitable، وهي مؤسسة خيرية عامة وصندوق موصى به من قبل المانحين يقع مقرها في مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس، أنك إذا كنت ترغب في تعزيز الإنصاف في أعمالك الخيرية فعليك النظر في اتخاذ الخطوات الخمسة التالية.

  • الانتقال من الحياد إلى الدراية بالسلطة. غالباً ما تشعر المنظمات غير الربحية أنها مضطرة لبذل قصارى جهدها لتأمين التمويل لعملها. ويعني التركيز على الإنصاف في عطائك أن تكون على دراية بديناميات السلطة والعمل على التصدي لها. ويمكنك البدء في التخفيف من حدتها من خلال بناء علاقات الاحترام المتبادل مع المنظمات غير الربحية وإظهار أنك تتكيف بناءً على ما تتعلمه منها. تعرّف على المنظمة من خلال إجراء مكالمة مع مديرها التنفيذي وحاول استكشاف ما يحفز المسؤولين الذين تتحدث معهم: ما الذي يجعلهم قلقين؟ ما أكثر ما يفخرون به؟ وما هي رؤيتهم لمستقبل المجتمعات التي يخدمونها؟ كما يمكنك بناء الثقة من خلال التعبير عن اهتمامك الحقيقي بالأسباب التي تفعهم للقيام بهذه الجهود والصعوبات التي تواجهها مجتمعاتهم.
  • الحذر من "الأشياء البراقة". بينما تتصدر المنظمات التي تتمتع بموارد جيدة عناوين الأخبار، فكر في دعم المنظمات الأصغر والأحدث عهداً التي تقوم أيضاً بجهود بالغة الأهمية. فنحن نعتمد في أغلب الأحيان على المواقع الإلكترونية ونقرأ مقترحات المنح لمساعدتنا على اختيار المنظمات التي نرغب بدعمها. وعلى الرغم من أن ذلك قد يظهر أي المجموعات تملك الموارد اللازمة لدفع أجور مطوري الويب والمتخصصين في كتابة المنح، إلا أنه قد لا يكون دائماً مؤشراً على فعالية المنظمة أو أهميتها. من هنا عليك أن تنظر في المجموعات المكونة من أفراد المجتمعات المحلية والتي تركز على الأولويات المجتمعية، لا سيما مجتمعات الملوّنين والمجتمعات التي قد لا تكون اللغة الإنجليزية لغتها الرئيسية.
  • معالجة الأسباب الجذرية للقضايا الاجتماعية. لهذا المبدأ وقع خاص في هذا الوقت. ففي حين أن المساعدات النقدية الطارئة لأسر الملونين التي فقدت وظائفها هي قضية نبيلة، يجب علينا أيضاً دراسة أنظمتنا الاقتصادية. فهذه الأنظمة قد خلقت واقعاً تجد فيه ملايين الأسر نفسها من دون مدخرات حتى قبل الجائحة والآن هناك ملايين الأسر التي لا تملك طوق نجاة خلال هذه الأزمة. لن يحل توفير أي مستوى من الخدمات المباشرة مشكلة اجتماعية. يجب أن ننظر إلى "منبع" السياسات والأنظمة التي خلقت المشكلة أو ساهمت على الأقل في تفاقمها. تتضمن بعض السبل الكفيلة بتغيير الأنظمة تمويل المنظمات التي تركز على تنظيم المجتمع، والدعوة لتغيير السياسات، وبناء حركات مستمرة من أجل التغيير.
  • إبداء المرونة في تمويل المنظمات الراسخة في المجتمع. ابحث عن المنظمات التي يديرها رؤساء وموظفون يمثلون المجتمع الذي يخدمونه. وتذكر أن الأشخاص الأكثر تأثراً بمشكلة معينة يجب أن يكونوا جزءاً تقديم الحلول. فبدلاً من إملاء كيفية إنفاق المنظمات غير الربحية لأموالها أكدت دراسة تلو الأخرى على ضرورة أن يوفر العمل الخيري التمويل الذي يمتاز بالمرونة؛ ففي النهاية هم الخبراء، كما أنهم على دراية بأفضل الطرق لخدمة مجتمعاتهم. ومن الأهمية بمكان أيضاً التفكير بالاستثمار في تعزيز قدرة المجتمعات على مناصرة التغيير لفائدتهم وفائدة مجتمعاتهم، بدلاً من الاعتماد على الآخرين للتدخل والحديث نيابة عنهم.
  • الاستمرار في التعلم والتعاون. لا يوجد ممول واحد يمكنه حل مشكلة اجتماعية بمفرده! ابحث عن المانحين والممولين الآخرين المهتمين بقضايا مماثلة. اجتمعوا سوياً وشاركوا المعلومات وتعلموا من المنظمات غير الربحية وأعضاء المجتمع أنفسهم.

الخلاصة: اسأل أعضاء المجتمع مباشرة عن أكثر أنواع الدعم التي يحتاجون إليها.

المصدر: ’فيداليتي تشاريتبل‘: خمس ممارسات للنهوض بالعطاء الذي يتسم بالإنصاف

ما بعد حالة الطوارئ

من الأسباب المهمة لتمويل وكالات المعونة المحلية من أجل الاستجابة للأزمات هو أن هذه المنظمات لن تحزم أمتعتها وتغادر عندما تحدث كارثة جديدة في مكان آخر. بالمثل، وكما هو موضح أعلاه، فإن المنظمات المحلية راسخة الجذور في مجتمعاتها ومواكبة لما يريده الناس وما يحتاجون إليه بالفعل، ولا تتبع سياسات خارجية أو أجندات تمويل قد تعطي الأولوية لبرامج "من الجيد أن تكون ضمن حافظتها" بدلاً من التركيز على الضرورات الأساسية.

ولا يعني كون المنظمة المستجيبة هي منظمة محلية أنها يجب أن تكون صغيرة الحجم. فأكبر منظمة غير حكومية في العالم اليوم وهي ’براك‘ BRAC  قد تأسست في بنغلاديش عام 1972 من قبل البنغلاديشي المقيم في لندن فاضل حسن عابد استجابةً لكارثة فيضانات واسعة النطاق. لكن المنظمة واصلت بناء منظومة للاستجابة الإنسانية والإنمائية المتجذرة محلياً مع التركيز على الحد من الفقر وتمكين المرأة ودعم المشردين ومساعدة المجتمعات على التكيف مع آثار تغير المناخ.

وكان المدير التنفيذي لمنظمة ’براك‘، آصف صالح قد تحدث في بودكاست استوديو الأثر عن الحاجة إلى المزيد من الالتزام في بناء قدرات المنظمات المحلية وتعزيزها ووضح الأسباب التي تدعو إلى تغيير ديناميات التنمية.

وعن ذلك يقول: "ما نسمعه عندما نتحدث إلى الجهات المانحة هو أنه من الخطر للغاية دعم بعض المنظمات المحلية لأنها لا تتمتع بما يكفي من القدرات والأنظمة القائمة". لكنه يضيف: "كيف ستعمل هذه المنظمات المحلية على بناء قدراتها إذا تم عصرها لآخر فلس؟ إنه أمر يشبه معضلة الدجاجة والبيضة".

الفكرة الرئيسية هي أنه عندما يتم دعم المنظمات المحلية، فإن بإمكانها الاستمرار في القيام بالعمل في المجتمع الذي تخدمه بعد انتهاء مرحلة الطوارئ، حتى أنها قادرة على النمو لدعم مجتمعات أخرى في جميع أنحاء العالم، تماماً كما تفعل ’براك‘ الآن التي تنتشر عملياتها في 11 دولة أخرى.

ويقول ويليام إم باتون، مؤلف تقرير تقديم المنح الخيرية للكوارث أن "أكثر من ثلث الهبات الخاصة تقدم في أقل من الأسابيع الأربعة الأولى من وقوع كارثة مفاجئة ... بينما يقدم ثلثاها في غضون شهرين. لكن هذا العطاء يتوقف بشكل كامل تقريباً بعد خمسة أو ستة أشهر".

وعادة ما يعني العمل الخيري من أجل الأزمات بالنسبة للكثيرين تمويل مشاريع الاستجابة لحالات الطوارئ القصيرة الأجل لتوفير الإغاثة الفورية للسكان المتضررين. وعلى الرغم من أهمية هذا النوع من الدعم والذي يكون في الكثير من الحالات منقذاً للحياة، إلا أنه ليس الطريقة الفعالة الوحيدة لتمويل الاستجابة للأزمات، بحسب باتريشيا ماكيلريفي، رئيسة مركز العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث ومديرته التنفيذية التي تقول أن ذلك لا يتعدى كونه الخطوة الأولى.

وتشمل المجالات التي يجب النظر فيها عند الرغبة في تمويل استجابة طويلة الأجل:

  • الحد من الكوارث وتخفيف حدة الأزمات
  • الاستثمار في تلبية احتياجات التنمية المستدامة
  • التعافي والقدرة على الصمود وتوفير الحلول المستدامة

وفي هذه المقابلة مع منصة ’سيركل‘ توضح ماكيلريفي "لماذا يستحق الأمر النظر إلى المكاسب الطويلة المدى" وتشدد على أن المانحين يجب أن يمتعوا بالفطنة وأن يفكروا في مرحلة التعافي عند الاستجابة للأزمات.

يمكنك أيضاً مشاهدة هذه المحاضرة عبر الإنترنت التي تناقش أحدث تقرير للمركز حول حالة العمل الخيري الذي يستهدف التصدي للكوارث. وعلى الرغم من أن البيانات تركز بشكل أكبر على الولايات المتحدة، إلا أن التقرير يتناول أيضاً كمية التمويل المخصص للإغاثة الفورية والتعافي الطويل الأجل والتأهب والحد من مخاطر الكوارث.

أما هذه المحاضرة عبر الإنترنت التي حملت عنوان "الأزمة والاستجابة والقدرة على الصمود" التي استضافتها مجلة ’ألاينس‘Alliance Magazine  وضمت متحدثين من بينهم ماكيلريفي ومؤسسة أيكيا الخيرية وشبكة الممولين لحقوق الإنسان وخبيرة في الاستراتيجيات والتنمية العالمية فقد أجابت على الأسئلة التالية:

  • غالباً ما يكون العمل الخيري أول من يستجيب للأزمات. تبقى المهمة الأولى والعاجلة هي تقديم الإغاثة، لكن هل ينبغي أن يقدم العمل الخيري المزيد من أجل بناء القدرة على الصمود أمام الصدمات المستقبلية قبل الأزمات وبعد وقوعها؟
  • عندما ينتقل اهتمام العالم إلى مكان آخر، ما الذي يمكن للعمل الخيري أن يفعله للتأكد من أن المتضررين يحصلون على المساعدة التي يحتاجون إليها، أو لإعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم؟
  • بالنظر إلى العلاقة بين الأزمات، هل الأهم للممولين على اختلاف أنواعهم المساهمة في قضية مشتركة - أم عليهم الالتزام بمجال اختصاصهم؟

وتضمنت النقاط الرئيسية المستخلصة من المناقشة ما يلي:

  1. كان العطاء في السابق ارتجالياً وموجهاً للإغاثة على المدى القصير. لكننا تعلمنا الآن أن تقديم الهبات غير المقيدة التي تمتد لعدة سنوات يعد أمراً ضرورياً لضمان تقديم التمويل الطارئ بشكل أسرع واستخدامه بفعالية أكبر.
  2. تعتبر معالجة الأسباب الجذرية، والتخفيف من المخاطر، وتجهيز المجتمعات لمواجهة الأزمات "استثمارات أفضل بكثير للإنسانية".
  3. من الضروري التركيز على الإصلاح والإصغاء و"القدوم إلى" للمجتمعات التي تمر بأزمة.
  4. الاستثمار في تلبية احتياجات التنمية المستدامة والبنية التحتية المحلية والمعارف.

أمثلة من المنطقة

1. مؤسسة الوليد للإنسانية. تعتبر مؤسسة الوليد للإنسانية التي أسسها الأمير السعودي الوليد بن طلال واحدة من أكبر المؤسسات الخيرية في المنطقة. وقد قدمت الوليد للإنسانية التمويل لمبادرات الإغاثة الإنسانية والتنمية التي وصلت إلى أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم. كما تعمل المؤسسة مع مجموعة من الشركاء العالميين، من بينهم صندوق الاستجابة لكوفيد-19 التابع لمؤسسة ’غيتس فيلانثروبي بارتنرز‘ Gates Philanthropy Partners.

2. مؤسسة فيصل وشابانا الخيرية. بعد جمع 400 مليون دولار من بيع شركته، كرس رجل الأعمال فيصل كوتيكولون وزوجته شابانا، اللذان يتخذان من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لهما، وقتهما لإعادة بناء المدارس الحكومية التي تعاني من نقص التمويل في جميع أنحاء الهند، فضلاً عن تمويل برامج التنمية الاجتماعية والبحوث الطبية والمنح الجامعية. كما قدمت المؤسسة الخيرية المساعدات الطارئة للمتضررين من الفيضانات في ولاية كيرالا وتشيناي وكشمير وهايتي.

3. صندوق الشفاء. يعد صندوق الشفاء، وهو ثمرة تعاون بين عائلة الجفالي ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، أول مبادرة تمويل جماعي في العالم العربي. ويجمع الصندوق روّاد العطاء العرب من أجل التصدي للقضايا الصحية التي تؤثر على المنطقة. وقدم الصندوق الدعم لجهود إعادة الإعمار وتوفير الغذاء والبطانيات والملابس في اليمن.

4. التعليم فوق الجميع. تساهم مؤسسة التعليم فوق الجميع التي أطلقتها السيدة الأولى لدولة قطر في توفير التعليم للأطفال في جميع أنحاء العالم. ومنذ وقت قريب ساعدت المؤسسة في توفير برنامج تعليمي في حالات الطوارئ للأطفال النازحين بسبب النزاع في أوكرانيا.

العمل الخيري الإسلامي

يقدر البنك الإسلامي للتنمية (IsDB) قيمة الزكاة التي يقدمها المسلمون على الصعيد العالمي بأكثر من تريليون دولار سنوياً، أي ثلاثة أضعاف الميزانيات السنوية العالمية المخصصة للمساعدات الإنسانية والتنمية وبذبك تشكل مصدراً للتمويل لا يمكن الإغفال عنه.

والعمل الخيري في المنطقة مترسخ بعمق في الدين الإسلامي، ويشمل العطاء المنتظم أو الصدقة (الصدقة الطوعية) والزكاة (الإحسان الإلزامي أو الصدقة الإلزامية). وفي هذه المقالة، يشرح طارق شيما، الجراح الذي تحوّل إلى شخصية فاعلة في مجال العطاء ومؤسس الملتقى العالمي للعطاء الإسلامي ومنظم المنتدى العالمي للمانحين، كيف توفر الزكاة التمويل الذي تشتد الحاجة إليه للقيام بالاستجابة الإنسانية.

وتشمل المنظمات الدولية التي تقبل أموال الزكاة لتمويل برامج المساعدات الإنسانية الخاصة بها:

  • صندوق الزكاة للاجئين التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأسس صندوق الزكاة للاجئين عام 2019 وهو صندوق مصرح له بجمع الزكاة على مستوى العالم بعد أن صادقت عليه خمسة عشر فتوى أصدرها علماء ومؤسسات معتمدة على مستوى العالم، من بينهم رابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. ويتبع الصندوق توصيات الفتاوى لا سيما فيما يتعلّق بتخصيص 100 في المئة من أموال الزكاة (من دون نفقات عامة) لصالح مستحقيها من اللاجئين وطالبي اللجوء على شكل مساعدات نقدية ودعم لسبل العيش والإغاثة في حالات الطوارئ. وقد ساعد الصندوق حتى الآن أكثر من 5.5 مليون شخص. كما يوجد لدى المفوضية فريق عمل متخصص في العمل الخيري الإسلامي تتضمن مسؤولياته إدارة الصندوق ومراقبة الامتثال لتوصيات الفتاوى.
  • صندوق اليونيسف العالمي الإسلامي الخيري للأطفال تم إطلاق هذا الصندوق أيضاً في عام 2019، وهو مبادرة مشتركة بين منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) والبنك الإسلامي للتنمية وأول صندوق خيري إسلامي مخصص للأطفال. تذهب أموال الزكاة والصدقة والأوقاف التي يتم جمعها من خلال الصندوق لدعم الأطفال في جميع الدول الأعضاء الـ 57 في منظمة التعاون الإسلامي. ويذكر أن عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد الله الغرير، هو أحد كبار المستثمرين في الصندوق العالمي الإسلامي الخيري للأطفال، حيث خصص 10 ملايين دولار على مدى ثلاث سنوات لدعم البرامج التعليمية للأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أما فيما يتعلق بالنفقات العامة، فإن اليونيسف تخصص ما يصل إلى ثُمن الأموال فقط (12.5 في المئة) للتكاليف الإدارية ونفقات دعم الصندوق.
  • صندوق منظمة إنقاذ الطفولة للزكاة يعد هذا الذي تأسس عام 2022، متوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية بنسبة 100 في المئة، كما أنه مدعوم بفتوى من العالم الإسلامي والمستشار المالي الشيخ هيثم تميم. ويتم استخدام الأموال التي يتم جمعها خلال عام قمري واحد من استلام الزكاة لدعم المشاريع التي تنفذها المنظمة في الدول الإسلامية. كما تجمع منظمة إنقاذ الطفولة 12.5 في المئة من التبرعات لهذا الصندوق من أجل تغطية التكاليف الإدارية وتكاليف الموظفين. ويركز الصندوق حالياً على برامج في أفغانستان وغزة والصومال وسوريا واليمن.

حاسبة الزكاة

إذا كنت مسلماً وترغب في دفع الزكاة، يمكنك استخدام حاسبة الزكاة لتحديد المبلغ الذي تحتاج إلى دفعه. فيما يلي مثال لحاسبة بنك دبي الإسلامي.

المرغوب والمحظور في العمل الخيري من أجل الأزمات

ما أن تقع الأزمات في شتى أنحاء العالم حتى يندفع العديد من الأشخاص والمنظمات السخية لدعم المجتمعات المتضررة. لكن على الرغم من هذه النوايا الحسنة إلا أن بعضها قد يضر أكثر مما ينفع. إليك بعض الأمور المهمّة اليي يتوجب عليك النظر فيها:

  1. يجب: ينبغي أن تلقي نظرة على المنظمات والجهات الفاعلة المحلية الموثوقة والطيبة السمعة والبحث عنها وأن تنظر في توجيه عملك الخيري نحو المنظمات التي تنحدر من المجتمعات المتضررة والتي تعمل بشكل مباشر معها.
  2. يجب: في حال اخترت التبرع للمنظمات الدولية، يجب أن تفكر في المنظمات المعروفة بتمكين المنظمات المحلية والعمل بشكل أكثر إنصافاً مع الشركاء المحليين. على سبيل المثال، وقعت هذه المنظمات غير الحكومية الدولية الخمس على تعهد التغيير  Pledge for Change  والتزمت بإحراز تقدم حقيقي في العطاء والعمل الخيري العادل والمنصف: منظمة كير الدولية ومنظمة كريستيان أيد ومنظمة بلان إنترناشونال ومنظمة إنقاذ الطفولة الدولية ومنظمة أوكسفام الدولية.
  3. لا يجب: إذا لم يكن العطاء محلياً فلا تقدم بإرسال أشياء مثل السترات والتمور والبطانيات بل قم بدلاً من ذلك بالتبرع بالمال. ففي حين أن التبرعات العينية تقدم عن حسن نية ويتم الترحيب بها في بعض الحالات، إلا أن قيام شخص ما بإرسال سترة من الصوف من دبي إلى هايتي لا يعد فقط أمراً غير مناسب (بسبب الجو الحار جداً هناك)، ولكنه قد يكون بمثابة كابوس لوجستي ويضر أكثر ما ينفع. ففي الكثير من الأحيان قد تتسبب هذه التبرعات في ازدحام الطرقات التي تستخدم لتوصيل المساعدات العاجلة، وتشغل حيزاً في مستودعات التخزين المحلية المخصصة للمواد المنقذة للحياة، وتضر بالاقتصادات المحلية، وتكون في معظم الأحيان أشياء لا يحتاج إليها الناس.
  4. يجب: حاول دائماً الحصول على المواد الإغاثية من مصادر محلية إن أمكن (في حال توفرت بالجودة والكميات المطلوبة)؛ فذلك أفضل للبيئة (بصمة كربونية أصغر) ويدعم الاقتصاد المحلي - الذي يكون المتضرر الأول عند وقوع الكوارث - ذلك ما يحتاج إليه المجتمع المحلي للتعافي على المدى الطويل.
  5. يجب: أعد النظر في هذا وضع شعار عملاق على مواد الإغاثة. ففي حين أن وضع الشعارات ضروري أحياناً من أجل المساءلة، أو التعبير عن الشكر للمانحين، أو إعلام الناس بأماكن الحصول على الدعم، إلا أن الظهور يجب أن يتم بطريقة تراعي من يتلقون هذه المواد وتحفظ كرامتهم.
  6. لا يجب: لا تقم بإرسال طعام أو دواء منتهي الصلاحية - بغض النظر إذا كنت تعتقد أنه مقبول على نحو كاف للاستهلاك. فمن الأفضل أن نخطئ في جانب الحذر وتذكر المبدأ الأول والأكثر أهمية في الرعاية الصحية وكذلك في العمل الإنساني: "بريموم نوسير"، أو"أولاً، لا ضرر".

المزيد من المصادر

الاستجابة لمجتمع يمر في أزمة

في هذا المنشور الذي أعده مركز العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث واقتبسه من دليله الإرشادي بعنوان "العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث" يوضح المركز الخطوات المفصلة للاستجابة لحالات الطوارئ - سواء كانت أعمالاً إرهابية أو كوارث من صنع الإنسان. ويبحث المنشور في جميع التفاصيل التي يتعين على المؤسسة الخيرية أو الصندوق أخذها في الاعتبار في كل مرحلة من مراحل الأزمة، من التواصل مع المانحين وأعضاء مجلس الإدارة خلال الأيام الأولى من وقوع الكارثة إلى التعامل مع المجتمع المتضرر ووسائل الإعلام المحلية والقيام بجهود الدعوة مع الجهات الفاعلة الحكومية، وإنشاء مساحات آمنة للناس للتجمع فيها. كما يذكر الممولين أنه على الرغم من أنهم يلعبون دوراً مهماً للغاية في الاستجابة، إلا أنهم ليسوا أول المستجيبين فدور رواد العطاء والمحسنين ينحصر فقط في تزويد المستجيبين بالدعم الذي يحتاجون إليه للقيام بعملهم بفعالية وكفاءة.

التحقق من المنظمات غير الحكومية من أجل التعافي من الكوارث

منشور مقتبس أيضاً من دليل "العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث" الصادر عن مركز العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث يقدم إرشادات للتحقق من المنظمات غير الحكومية المرشحة للحصول على منح لمرحلة التعافي من الكوارث فضلاً عن الإجراءات التي يجب على المؤسسة الخيرية أو الممول اتخاذها لتقييم المنظمات المرشحة لتلقي المنح. وهناك العديد من المسائل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تمويل منظمة للتأكد من أن الأموال الممنوحة توظف بشكل جيد، وبالتالي لا بد من الإجابة على أسئلة معينة قبل إرسال الأموال لأي مظمة، مثل سجلها ومعدلات النجاح الخاصة بها والتزامها بتقديم التقارير. 

قياس تأثير العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث

بالشراكة مع منظمة كانديد (المعروفة سابقاً بـ ’فاونديشن سنتر وغايد ستار‘)، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة تركز على توفير البيانات والمعلومات المتعلقة بالمنظمات غير الربحية، يعد مركز العمل الخيري من أجل التصدي للكوارث تقريراً سنوياً وخريطة تفاعلية للتمويل توضح تأثير العمل الخيري وتمويل الكوارث على الصعيد العالمي. وفي هذا التقرير الصادر عام 2022، قام المؤلفون بتحليل التفاوتات في التمويل التي تأثرت بالارتفاع الحاد خلال جائحة كوفيد-19 التي استحوذت على 96 في المئة من الأموال التي قدمها الممولون من الولايات المتحدة منذ عام 2020.

المؤسسات الخيرية تستجيب للأزمات: تغيير مستدام؟

يستكشف هذا التقرير الصادر عن مركز العمل الخيري الفعال Center for Effective Philanthropy، وهي منظمة يقع مقرها في الولايات المتحدة وتعمل على تطوير بيانات مقارنة حول القطاع غير الربحي، سلوك المؤسسات الخيرية والممولين الفرديين وما إذا كان هذا السلوك سيستمر في التغير بعد جائحة كوفيد-19 ويلقي الضوء على الدروس المستفادة من هذه التجربة. ويعتبر العطاء على نحو منصف وتوفير التمويل المرن والطويل الأجل وامتلاك مجالس إدارة متنوعة عرقياً بعض النقاط الرئيسية التي يستخلصها هذا التقرير والتي ترغب العديد من المنظمات المستفيدة في رؤيتها حقيقة واقعة.

العمل الخيري في أوقات الأزمات

في هذا الدليل، تستكشف منصة سيركل خمس طرق يمكن أن لرواد العطاء اتباعها لتحسين تقديم المنح عند وقوع الكوارث. ويقدم الدليل رسوماً توضح أفضل الممارسات فيما يتعلق بتوقيت المنح وكيفية إدارتها لتحقيق أكبر قدر من التأثير في ظل الظروف المضطربة التي يمكن أن تنشأ خلال الأزمات كالنزوح الجماعي أو انقطاع التيار الكهربائي.