العمل الخيري من أجل المناخ

ملخص سيركل لما يجب أن تعرفه عن تمويل المبادرات المتعلقة بالمناخ

تلقي هذه الصفحة التي تم تجميعها من مصادر متنوعة نظرة شاملة على العمل الخيري من أجل المناخ، حيث نتعرّف من خلالها على مهام الصناديق والمنظمات وأماكن نشاطها ونستعرض بعض الاستجابات الأكثر ابتكاراً ونستكشف العوائق والتحديات المحتملة التي تقف أمام المانحين الذين يسعون للانخراط في العمل الخيري من أجل المناخ.

شهدنا في الأشهر الأخيرة فيضانات مدمرة في باكستان وبنغلاديش والهند، وحرائق غابات مميتة في أوروبا والولايات المتحدة وموجات جفاف شديدة لدرجة أصبحت معها العديد من الدول الأفريقية على شفا المجاعة.

وأصبحت هذه الأحداث المناخية المتطرفة جزءاً من واقعنا الجديد وباتت تتسبب في تفاقم التحديات القائمة كالنزاعات والانهيار الاقتصادي، ما يرسخ أوجه عدم المساواة ويفاقم مستوى معاناة البشر.

وعلى الرغم من أن القرن الماضي قد شهد تقدماً مذهلاً في ظل التحسن الكبير في مستويات المعيشة والنتائج المتعلقة بالصحة، إلا أن تغير المناخ يعرض كل ذلك للخطر ويهدد بعكس مسار المكاسب التي تحققت بشق الأنفس.

وقد وصفت الأمم المتحدة تغير المناخ بأنه "القضية الحاسمة في عصرنا" وحذرت بأنه "من دون اتخاذ تدابير صارمة اليوم" فسيكون من الأصعب والأكثر تكلفة الاستجابة لتأثيراته في المستقبل.

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تضم العديد من الدول التي تعاني من شح المياه وانعدام الأمن الغذائي، عرضة بشكل خاص للآثار المترتبة على تغير المناخ. ولن تؤدي درجات الحرارة الشديدة ونقص الغذاء والماء والهجرة الجماعية سوى لتعميق خطوط الصدع القائمة وخلق المزيد من حالات عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.

وعلى الرغم من هذه التهديدات الوشيكة - والتأثير الضار الذي يحدثه تغير المناخ بالفعل على المجالات التي لطالما اعتبرها روّاد العطاء أولوية بالنسبة لهم، مثل التعليم والصحة والمساواة والأمن الغذائي - لم يكن هناك سوى القليل من التمويل المقدم من القطاع الخاص للقضايا المتعلقة بالمناخ.

أشارت التقديرات الصادرة عن مؤسسة ’كلايمت وركس الخيرية‘ ClimateWorks التي يقع مقرها الولايات المتحدة إلى أن التبرعات المقدمة من المؤسسات الخيرية والأفراد ارتفعت في عام 2021 إلى 810 مليار دولار، وركّز نحو 12.5 مليار دولار منها على التخفيف من آثار تغير المناخ. مع ذلك لا يزال إجمالي المبلغ المخصص للتخفيف من آثار تغير المناخ يمثل أقل من 2 بالمئة من التمويل الخيري العالمي.

في هذا الدليل نستكشف بعض الاستجابات الأكثر ابتكاراً لتمويل قضايا المناخ وننظر في العراقيل التي قد تقف في وجه المانحين الذين يسعون للانخراط في العمل الخيري من أجل المناخ.

فالتصدي لأزمة المناخ هو أكثر من مجرد كتابة شيكات، إذ ينطوي أيضاً على تهيئة بيئات تمكينية للسياسات واتخاذ قرارات صعبة قد تسبب اضطراباً للمصالح الراسخة.

 

العطاء على المستوى العالمي

خلال عام 2021، تجاوز النمو في العطاء الخيري من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ (25 بالمئة) النمو في العطاء الكلي (8 بالمئة)، وفقاً لمؤسسة ’كلايمت ووركس‘ الأمريكية. مع ذلك، لا يزال الإنفاق بشكل عام على التخفيف من آثار تغير المناخ من قبل المانحين من القطاع الخاص أقل من 2 بالمئة من إجمالي العطاء العالمي.

يقدم تقرير توجهات التمويل لعام 2022: العمل الخيري من أجل تخفيف آثار تغير المناخ، الذي نُشر في أكتوبر 2022، تتبعاً مفضلاً لأماكن توزيع الأموال الخيرية عبر القطاعات والاستراتيجيات والمناطق، ويحلل الثغرات القائمة بين مستويات التمويل الحالية والمستويات اللازمة لتعزيز الإجراءات الفعالة والمنصفة في التصدي لتغير المناخ.

النقاط الرئيسية الواردة في التقرير:

  • نمو متسارع للتمويل المقدم من المؤسسات الخيرية من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ. ازداد التمويل المقدم من المؤسسات الخيرية من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ أكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2015، وهو العام الذي تم فيه اعتماد اتفاقية باريس - إذ ارتفع من 900 مليون دولار إلى أكثر من 3 مليارات دولار في عام 2021. وزاد التمويل بأكثر من 40 بالمئة بين عامي 2020 و2021 وحدهما، ويعود ذلك جزئياً إلى ظهور مانحين رئيسيين جدد وإلى تقديم العديد من التعهدات والالتزامات.
  • مجتمع متنامٍ من الجهات المتلقية للمنح. بفضل الدعم الخيري، تضاعف تقريباً إجمالي عدد الجهات المتلقية للمنح الرامية للتخفيف من آثار تغير المناخ من نحو 1,400 جهة في عام 2015 إلى نحو حوالي 2,775 في عام 2021، في حين ارتفع العدد الإجمالي للأفراد المتلقين للمنح سنوياً في جميع المناطق.
  • توجهات قطاعية وإقليمية. على الرغم من أن الكهرباء النظيفة لا تزال أكبر قطاع استفادة من التمويل الخيري، إلا أن عام 2021 شهد زيادات كبيرة في التمويل من أجل الحفاظ على الغابات وإزالة ثاني أكسيد الكربون. وعلى الصعيد الإقليمي، لا يزال التمويل يركز بشدة على الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، لكنه ينمو بشكل كبير في مناطق أخرى - لاسيما أمريكا اللاتينية وأفريقيا - وبات يركز بشكل متزايد على الصعيد العالمي.
  • تركيز متزايد على الإنصاف والعدالة. يلتزم عدد متزايد من الممولين المهتمين بقضايا المناخ بدمج مبادئ الإنصاف والعدالة في منحهم. ويوجد على نحو متزايد موارد لممولي قضايا المناخ الذين يتطلعون إلى إدراج العدالة المناخية في ممارساتهم الخيرية.
  • تغيير النهج والاستراتيجيات وتعزيز التعاون. يمتد نمو الأعمال الخيرية المتعلقة بالمناخ إلى ما أبعد من الزيادة في إجمالي التمويل والالتزامات ليشمل أيضاً استمرار ظهور نهج واستراتيجيات جديدة (مثل تصفية الاستثمارات في الوقود الأحفوري والحلول المتكاملة) وتعزيز التعاون، لاسيما مع القطاع الخاص والحكومات.

المصدر: كلايمت وركس: توجهات التمويل لعام 2022: العمل الخيري من أجل تخفيف آثار تغير المناخ.

الاستجابة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

في الشرق الأوسط التي تواجه العديد من بلدانه بالفعل نقصاً في المياه وارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة، تكثف الحكومات إجراءاتها المتعلقة بالمناخ وتضع أهدافاً جديدة للوصول إلى انبعاثات صفرية وتطلق حملات جديدة للتشجيع على الاستدامة، على الرغم من الاستمرار في تصدير المنتجات الهيدروكربونية.

ففي عام 2022، ستستضيف مصر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، لتكون المرة الأولى التي يُقام فيها الحدث العالمي للمناخ في منطقة الشرق الأوسط، وهي خطوة زادت من تركيز الحكومات والمانحين من القطاع الخاص والجهات الفاعلة في المجتمع المدني على القضايا المتعلقة بالمناخ.

كما أطلقت الإمارات العربية المتحدة، التي تستضيف الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في عام 2023، مبادرة بعثة الابتكار الزراعي من أجل المناخ (AIM for Climate/AIM4C) بالشراكة مع الولايات المتحدة. وتسعى هذه البعثة إلى التصدي لتغير المناخ والجوع على مستوى العالم من خلال توحيد جهود المشاركين لزيادة الاستثمار بشكل كبير وتقديم أشكال أخرى من الدعم للابتكار في مجال زراعة الذكية مناخياً والنظم الغذائية.

في غضون ذلك، يدعم صندوق أبوظبي للتنمية العديد من مشاريع الطاقة المتجددة في دول مثل الأردن وكوريا وقد شارك في تمويل عدد من المشاريع المتعددة الأطراف التي يدعمها من صندوق المناخ.

وفي مارس 2022، استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة "أسبوع المناخ الإقليمي الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" بالشراكة مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومجموعة البنك الدولي. وقد جمعت هذه الفعالية الآلاف من أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص من أجل بحث واستكشاف القدرة على الصمود أمام المخاطر المناخية، والانتقال إلى عالم يكون فيه صافي الانبعاثات صفراً والتعاون في مواجهة التحديات الملحة.

بالمثل تبنت المملكة العربية السعودية مبادرة السعودية الخضراء، التي تشمل 60 مبادرة للحد من الانبعاثات وزراعة الأشجار وحماية المحيطات وتحفيز الأعمال الصديقة للبيئة.

لكن على الرغم من هذه الالتزامات الواضحة التي تقودها الحكومات للتصدي للانبعاثات والآثار المترتبة على تغير المناخ، لم يكن هناك تحرّك يذكر من الجهات المانحة الخاصة في هذا المجال. فحتى أكتوبر 2022، لم يقم أي مانح من المنطقة بالتوقيع على الالتزام الدولي بالعمل الخيري لمكافحة التغير المناخي. (انظر أدناه)

تأتي إحدى المبادرات الخيرية القليلة لقضية المناخ في المنطقة من المملكة العربية السعودية، بقيادة مجتمع جميل، مؤسسة الأعمال الخيرية التي تديرها أسرة جميل.

فقد تم إطلاق مرصد جميل للعمل المبكر للأمن الغذائي في عام 2021. وهو عبارة عن تعاون بين جامعة إدنبره ومنظمة إنقاذ الطفولة والمبادرة الدولية لبحوث الثروة الحيوانية للفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية CGIAR و معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر  (J-PAL) ومجتمع جميل. وتسعى هذه المبادرة البحثية إلى التنبؤ بتحديات الأمن الغذائي وسوء التغذية المرتبطة بالمناخ والاستعداد لها والتغلب عليها في مناطق الأراضي الجافة.

وهناك أيضاً معمل عبد اللطيف جميل لأنظمة الماء والغذاء (J-WAFS) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي يدعم البحوث والابتكار والتعاون المتعدد التخصصات في مجال أنظمة المياه والغذاء لتلبية احتياجات البشر.

مبادرات عالمية

التحالف العالمي للطاقة من أجل الناس والكوكب The Global Energy Alliance for People and Planet هو تحالف يهدف إلى تسريع وتوسيع نطاق التحولات المنصفة في مجال الطاقة في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل وهي بمثابة طريق مختصر للفرص لمليار شخص، أثناء السعي لتجنب انبعاثات الكربون، وتوسيع إمكانية الحصول على الطاقة، وخلق فرص العمل خلال هذه العملية. وستستفيد هذه المبادرة، التي تقودها مؤسسة روكفلر الخيرية وتبلغ قيمتها 10 مليارات دولار، من الموارد والشبكات والتأثير والتفاني لمجموعة الشركاء، بما في ذلك صندوق بيزوس للأرض ومؤسسة أيكيا والعديد من الشركات المالية الدولية وبنوك التنمية المتعددة الأطراف التي توفر التمويل هي الأخرى.

مؤسسة ’كلايمت وركس‘ الخيرية ClimateWorks Foundation هي منصة عالمية تحصل على الدعم من الأعمال الخيرية لابتكار الحلول المناخية التي يمكن توسيع نطاقها وتسريعها. وتعمل المؤسسة على تزويد العمل الخيري بالمعرفة والشبكات والحلول لدفع التقدم في مجال المناخ. ومنذ عام 2008، منحت كلايمت وركس ما يزيد عن 1.3 مليار دولار لأكثر من 600 مستفيد في أكثر من 50 دولة، وقدمت الدعم لمجموعة من البرامج من إزالة ثاني أكسيد الكربون، واستغلال الأراضي، والبحث والتطوير في مجال الزراعة، إلى مبادرات الطاقة الخضراء، وأنظمة التنقل المنخفضة الكربون، والاستثمار الأخضر. وتعد مؤسسة كلايمت وركس الخيرية أيضاً أداة تمكينية وتقوم بدعم العديد من منتديات الممولين وشبكات التعلم مثل التحالف التعاونيFunders Table وشبكة التعلم للعمل الخيري من أجل المناخ في الهند India Climate Philanthropy Learning Network. وخلال عام 2021، أنتجت المنظمة غير الربحية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها 27 مطبوعة، واستضافت 42 اجتماعاً لأكثر من 2,000 مشارك.

‘بريكثرو إنرجي‘ Breakthrough Energy منظمة تأسست عام 2015 من قبل بيل غيتس وائتلاف من المستثمرين من القطاع الخاص المهتمين بدعم الحلول المبتكرة لمساعدة العالم على تحقيق صافي انبعاثات صفرية. ومن أبرز المستثمرين في المبادرة: الأمير السعودي الوليد بن طلال، رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة الوليد للإنسانية؛ وريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة فيرجن؛ وباتريس موتسيبيه، قطب التعدين الأفريقي.

العمل الخيري من أجل المناخ هو حركة عالمية للمؤسسات الخيرية الملتزمة باتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ. وتدعو هذه المبادرة غير الربحية، التي تستضيفها WINGS، جميع المؤسسات الخيرية، بغض النظر عن رسالتها أو وضعها أو موقعها الجغرافي، إلى الاجتماع معاً والتعبير عن التزامها بالعمل من أجل المناخ. ويتعهد الالتزام الدولي باتخاذ سبعة إجراءات رئيسية تتعلق بالتعليم والتعلّم، وتخصيص الموارد واستراتيجيات الاستثمار والعمليات والشفافية والتأثير والدعوة والتكامل. ويمكن الوصول إلى النص الكامل للالتزام الدولي هنا (وباللغة العربية هنا). كما تتوفر القائمة الكاملة للموقعين على الصعيد العالمي هنا. ويذكر أنه لم يكن هناك موقعون من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند نشر هذا الدليل.

صندوق بيزوس للأرض، الذي تم إنشاؤه بالتزام بقيمة 10 مليارات دولار من مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس، هو إحد أهم المبادرات في مجال العمل الخيري من أجل المناخ. ويقوم الصندوق الخيري بتقديم منح للمنظمات التي تعمل على جميع جوانب القضايا المتعلقة بالمناخ مع التركيز على الحفاظ على الطبيعة، والعدالة البيئية، ونزع الكربون، والنماذج المالية الجديدة. وفي أغسطس 2022، أعلن الصندوق أنه سيقدم منحاً جديدة بقيمة 127 مليون دولار للمشاريع التالية:

  • دعم المنظمات غير الحكومية المحلية من أجل حماية المياه والسواحل والجزر في كولومبيا وكوستاريكا والإكوادور وبنما، مما يسهم في حماية الممر البحري الاستوائي الشرقي. (30 مليون دولار)
  • مساعدة برنامج البحار البِكر التابع لناشونال جيوغرافيك في استكشاف وتوثيق وإجراء البحوث في منطقة وسط وغرب المحيط الهادئ على مدى السنوات الخمس المقبلة. (20 مليون دولار)
  • توسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة النظيفة والموثوقة في ستة دول أفريقية ودعم الانتقال العادل نحو الطاقة المتجددة في جنوب أفريقيا من خلال تحالف الطاقة العالمي Global Energy Alliance. (50 مليون دولار)
  • تطوير تطبيق التقنيات الجديدة لإزالة الكربون من بعض الصناعات الأكثر تسبباً في انبعاثاته في العالم من خلال شراكة Mission Possible Partnership. (24 مليون دولار)
  • إعداد تقرير "حال نقاط التحول" المناخي لتحسين التقييم والتنبؤ وتفعيل نقاط التحول الإيجابية.
  • دعم تصميم أداة للعدالة البيئية في الولايات المتحدة.

العوائق

يستكشف تقرير بعنوان "الكثير من القلق والقليل من العمل: المؤسسات الخيرية وتغير المناخ" الصادر عام 2022 عن مركز العمل الخيري الفعّالCenter for Effective Philanthropy (CEP)  الذي يقع مقره الولايات المتحدة، الفجوة بين قبول العالم للحاجة إلى اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ والقدر الضئيل من التمويل الخيري الذي يتم تخصيصه لهذه القضية.

وأرادت مؤلفات التقرير، نعومي أورنستن وكاترينا مالمغرين وماريا لوبيز، فهم ما يلي:

  1. ما الذي يفعله قادة المنظمات غير الربحية والمؤسسات الخيرية للتصدي لتغير المناخ في عملهم واستثماراتهم؟
  2. كيف تفكر المنظمات التي لا تركز على القضايا البيئية في تغير المناخ؟
  3. ما هي مقترحات المنظمات التي تركز على المناخ حول كيفية تقديم العمل الخيري للمساعدة؟

للتوصل لإجابات على هذه الأسئلة، قامت مؤلفات التقرير خلال الربع الأول من عام 2022 باستطلاع آراء 188 من قادة المؤسسات الخيرية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها و120 منظمة غير ربحية.

يمكنك الاطلاع على النتائج الكاملة هنا، لكن باختصار وجدت الباحثات أنه على الرغم من المخاوف المشتركة والعميقة بشأن تغير المناخ، فإن الجهود المبذولة للتصدي له لا تزال محدودة نسبياً من حيث قيمة المنح وممارسات الاستثمار - كما يُنظر إليها على أنها محدودة الفعالية.

وحث قادة المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الربحية الذين أجريت معهم مقابلات لغرض الدراسة الممولين على تعزيز التعاون وتحسينه. وقال أحد المشاركين في الدراسة: "نحتاج جميعاً على جانب التمويل إلى الاتحاد حول هذه القضية لتكتسب الزخم".

واقترح آخرون أن الممولين "يستخدمون أصواتنا ومواردنا المشتركة للتأثير على السياسات" و"التعاون لبناء قوة المجتمع".

كما شدد القادة على العدالة المناخية وأشاروا إلى أهمية "النظر إلى تغير المناخ من منظور العدالة"، كي "لا يتسبب في تفاقم أوجه عدم المساواة". وكما قال أحد القادة، "لإنقاذنا جميعاً لا بد أن نشمل الأشخاص الأكثر ضعفاً بيننا وننهض بهم - وأولئك الذين تم حرمانهم تاريخياً من الرخاء - في رؤية جديدة لعالم ما بعد الكربون".

منظور مناخي

يعد هذا التقرير، الذي أعدته ’أكتيف فلانثروبي‘Active Philanthropy ، وهي مؤسسة استشارية غير ربحية في مجال المناخ يقع مقرها في ألمانيا، نقطة انطلاق جيدة لفهم سبب اهتمام روّاد العطاء والمحسنين بتغير المناخ وكيف يمكن تطويع ممارسات التمويل والاستثمار لدعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثاره.

يستعرض التقرير خمسة مجالات رئيسية يطلق عليها مسمى ’تقاطعات المناخ‘ بغية بيان أن قضية المناخ هي قضية شاملة بالفعل وتهدد جميع جوانب العملية العالمية. والتقاطعات الخمسة هي:

  1. مجتمعات عادلة وديمقراطية
  2. الصحة العامة
  3. الفئات المحرومة
  4. التعليم
  5. الحفاظ على الطبيعة

وجاء في التقرير أن "جميع الممولين يعملون دون كلل أو ملل للوصول إلى عالم أكثر عدلاً وإنصافاً. إلا أن تغير المناخ يهدد بتقويض هذه الجهود".

ويوضح التقرير أن "تغير المناخ يعزز أوجه عدم المساواة القائمة على المستويين العالمي والمحلي، ولأسبابه وآثاره تأثيرات جسيمة على العدالة" مضيفاً أنه "في المقابل سيؤدي التصدي بنجاح لتغير المناخ إلى إحراز تقدم كبير نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة كالمساواة بين الجنسين والسلام والقضاء على الجوع".

وتقر مؤسسة ’أكتيف فلانثروبي بأن هناك "موازنة" لا بد من القيام بها بين السياسات المتعلقة بالمناخ والحفاظ على الطبيعة، وأنه في حين يتم الجمع بينهما في الكثير من الأحيان، إلا أن أهدافهما قد تكون مختلفة. فعلى سبيل المثال، قد تستخدم مشاريع الطاقة المتجددة الأراضي التي لم تمس من قبل، بينما تسود توترات بين مشاريع إعادة التحريج من جهة والحاجة إلى زيادة إنتاج الغذاء وحماية سبل العيش المحلية من جهة أخرى.

لكن المؤسسة تقدم مبررات قوية لأهمية أن تصبح قضية المناخ من الاعتبارات الرئيسية لمقدمي المنح والمؤسسات الخيرية، إذ تقول أن "المموّلين بحاجة إلى تطوير الأدوات اللازمة لإلقاء نظرة أشمل على منحهم التي تترك تأثيراً اجتماعياً ومراعاة المنظور المناخي لدى التخطيط لاستراتيجيات العطاء الخاصة بهم".

الممارسات التمويلية الجيدة للمؤسسات الخيرية بشأن المناخ*:

  • إدارة المعلومات: تغير المناخ موضوع معقد وسريع التغير. قم بتخصيص موارد كافية من أجل مواكبة التطورات حول التحديات والحلول الناشئة. اربط النظام المعرفي الخاص بك بعملية اتخاذ القرار من خلال التغذية المرتدة وتبادل الآراء بانتظام.
  • استراتيجيات التمويل: حتى لو لم تكن قضية تغير المناخ هي الاهتمام الرئيسي لمؤسستك الخيرية، لا بد من تناولها لدى تطوير الاستراتيجيات الجديدة. فمن المحتمل أن يكون هناك تحفيز إيجابي بين أهداف التمويل الخاصة بك والتخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه.
  • إشراك الجهات المتلقية للمنح: عند منح الأموال لشركاء المشروع يصبح لديك فرصة فريدة لمناقشة تغير المناخ مع الجهات المتلقية للمنح. يمكنك تشجيعها على إدراج الإجراءات المتعلقة بالمناخ في جميع أرجاء منظماتها من أجل وضع سياسات بشأن تغير المناخ وتقليل انبعاثاتها.
  • أعمال المشروع: تعد مناقشة المنح والموافقة عليها فرصة جيدة لإضافة منظور مناخي للأعمال التي تدعمها. يمكن القيام بذلك على سبيل المثال من خلال دعم الجهات المتلقية للمنح في موازنة الانبعاثات التي تتسبب بها، أو تشجيعها على تقليل السفر، أو تحفيزها على أن تكون جهات مستهلكة مسؤولة.
  • الاتصالات: إذا كنت تهتم وفريقك بشأن تغير المناخ، فتحدث عنه مع أصحاب المصلحة الآخرين. كن مثالاً يحتذى به للمؤسسات الخيرية والجهات المانحة والمتلقية للمنح الأخرى. دع الآخرين يدركون أن المناخ قضية مهمة بالنسبة لك ووضح لماذا تولي هذه الأهمية لها. فتغير المناخ يعتبر فرصة جيدة لكي تلهم الآخرين وتكون قدوة لهم.
  • مراقبة انبعاثاتك: قم بإعداد نظام لتحديد الانبعاثات الصادرة عن مؤسستك الخيرية وتأثيرات المناخ ورصدها. وبمجرد اتخاذ هذه الخطوة يمكنك إعداد خطة عمل لتقليل الانبعاثات وتحسين الكفاءة المناخية. انشر أهدافك وإنجازاتك للتشجيع على المساءلة العامة وإلهام الآخرين.
  • إدارة المخاطر: يعد الاعتراف بالمخاطر المناخية التي تواجهها منظمتك وإدراجها في التقييمات المنتظمة خطوة في الاتجاه الصحيح. قم بوضع استراتيجيات التكيف وأنشطة التخفيف الخاصة بمؤسستك الخيرية.
  • الشؤون المالية: تحقق ما إذا كانت أصولك مستثمرة في منتجات غير مستدامة وما إذا كانت تحقق إيرادات بطرق تستنفد الموارد الطبيعية أو تفاقم من تغير المناخ. قم بإعادة الاستثمار في المصادر التي تدعم النمو الأخضر.
  • إدارة الأفراد: راجع ترتيبات السفر الخاصة بموظفيك. هل هي ضرورية وكيف يمكن تقليلها وتعويضها؟ ويمكنك التفكير في أبعد من ذلك وتحليل كيفية تشجيع موظفيك على عيش حياة أكثر استدامة ومعرفة ما إذا كانت حوافز الموظفين التي تقدمها تتماشى مع ذك. على سبيل المثال، هل تقدم خدمة الشحن المجاني للسيارات الكهربائية أو الدراجات الهوائية لموظفي الشركة؟

*المصدر: ’أكتيف فلانثروبي‘ - تمويل المستقبل: كيف تتقاطع أزمة المناخ مع عطائك. (2020).

نهج يتسم بالعدالة

"وضع الإنصاف والعدالة في صميم العمل الخيري من أجل المناخ" وهو تقرير صادر عن منظمة ’كانديد‘ Candid، يستكشف كيف تتقاطع العدالة والإنصاف مع العمل الخيري من أجل المناخ ويدعو إلى اتباع نهج قائم على الثقة والمشاركة القوية مع الجهات الفاعلة على الخطوط الأمامية.

ويشير التقرير إلى أن "المؤسسات الخيرية التي تقوم بمواءمة ممارساتها بطريقة مدروسة وبشكل متعمد مع قيمها ستقوم على الأرجح بتطوير علاقات عميقة وموثوقة مع الشركاء المتلقين للمنح، وهو ما سيؤدي إلى تركيز أدق على الإنصاف والعدالة في مجموعة مشاريعها التي تركز على المناخ.

ويقدم التقرير أربع توصيات للمؤسسات الخيرية لدى استعدادها لدعم جهود التخفيف من آثار تغير المناخ.

  1. من الأهمية بمكان أخذ منظور متعدد الجوانب لتمويل العدالة المناخية بحيث يأخذ بعين الاعتبار التأثير الدقيق للنوع الاجتماعي والعمر والقدرة والعرق/الإثنية والهويات الأخرى على كيفية مواجهة المجموعات المختلفة لأزمة المناخ.
  2. يمكن أن تؤدي الطبيعة المجزأة والمنعزلة في كثير من الأحيان لمحافظ المؤسسات الخيرية إلى ضياع الفرص لتحقيق تأثيرات أكبر وأكثر استدامة. انظر في اتخاذ نهج أكثر شمولاً لتقديم المنح أو تخصيص جزء من ميزانية تقديم المنح للاستثمار في المنظمات/المشاريع الواعدة التي قد تقع خارج إطار استراتيجيتك.
  3. يمكن للمؤسسات الخيرية دمج العدالة المناخية في عملها بعد تقديم المنح – ولذلك انظر في كيفية جعل مجمل أعمالك، وليس فقط عملية تقديم المنح، أكثر تركيزاً على الإنصاف والعدالة.
  4. لدعم بيئة مواتية للشركاء المتلقين للمح، اسأل شركائك الحاليين الذين يقومون بعمل جيد في هذا المجال. سيعزز هذا النهج العلاقات الحالية ويساعد في بناء البنية التحتية لهذا التوجه، بدلاً من بناء مجموعة شركاء قد يفتقرون إلى التوافق والتواصل.

المصدر: كانديد: وضع الإنصاف والعدالة في صميم العمل الخيري من أجل المناخ

بدء العمل

قامت ’إف إس جي‘ FSG، وهي شركة استشارات مختصة بالتغيير الاجتماعي يقع مقرها في الولايات المتحدة، بحوثاً أولية وثانوية حول العمل الخيري من أجل المناخ من أبريل إلى يوليو 2021، بدعم من ويليام وفلورا هيوليت الخيرية.

حاول الباحثون الإجابة على السؤال التالي، "كيف يمكن للمزيد من المؤسسات أن تبدأ على نحو فعال في دعم الجهات الفاعلة في الخطوط الأمامية الذين يتصدون لأزمة المناخ؟"

ويقدم التقرير خمس توصيات للممولين وهي:

  1. معرفة المزيد عن المناخ والعدالة المناخية
  2. وضع الممارسات الداخلية في الاعتبار والعمل على تغييرها
  3. بناء قوة سياسية واقتصادية في المجتمعات على الخطوط الأمامية
  4. توسيع مجموعة الأدوات الخاصة بالممول
  5. الاستفادة من الاستثمار والعمليات في المؤسسة كوسائل للتغيير

كما يعرض خمسة أسئلة استهلالية للمانحين وموظفي البرامج والمديرين التنفيذيين والأمناء للتفكير فيها لمساعدتهم في الانطلاق في رحلتهم في العمل الخيري من أجل المناخ.

  • بأي طرق تهدد أزمة المناخ التأثير الاجتماعي الذي تسعى مؤسستك إلى إحداثه على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الوطني أو العالمي؟ ما مدى شدة وسرعة حدوث هذه التهديدات؟
  • ما هي المخاطر بالنسبة لك كفرد وكجهة ائتمانية وكمنظمة وكمجتمع في أزمة المناخ؟ ما هي عواقب التراخي والتقاعس عن العمل؟
  • ما الذي تدين به مؤسستك لأولئك الذين تسعى لخدمتهم من حيث المسؤولية والمساءلة؟
  • بعد الاستماع إلى أكثر المجتمعات تأثراً، ما هي الأسباب الجذرية لأزمة المناخ برأيك ورأي زملائك؟ كيف يمكن لمؤسستك التصدي لهذه الأسباب الجذرية بشكل مباشر و/أو غير مباشر و/أو بالشراكة مع الآخرين؟
  • بالنظر إلى موارد مؤسستك وخبراتها وعلاقاتها، ما الأدوات التي يجب أن تستخدمها في مواجهة أزمة المناخ؟

المصدر - ’إف إس جي‘: حان وقت العمل: كيف يجب على العمل الخيري التصدي لأزمة المناخ

علاقات التعاون

على الرغم من وجود عدد قليل جداً من المؤسسات المكرسة فقط للعمل الخيري من أجل المناخ، إلا أن هناك عدداً متزايداً من المنصات ومنتديات التعاون التي تتطلع إلى توسيع نطاق الاستثمار والأبحاث لحماية الأرض. وتقدم منظمة روكفلر للاستشارات الخيرية Rockefeller Philanthropy Advisors  خمساً من هذه المجموعات في موجز عام 2021 حول العمل الخيري من أجل المناخ وهي:

’صندوق العدالة المناخية والقدرة على الصمود‘ The Climate Justice Resilience Fund، الذي يدعم حلول القدرة على الصمود المتعلقة بالمناخ التي استحدثتها النساء والشباب والشعوب الأصلية مع التركيز على الوصول إلى المياه والأمن الغذائي والسيادة وسبل العيش المستدامة والهجرة وإعادة التوطين.

’تحالف الموارد العالمية المشتركة‘ Global Commons Alliance هو عبارة عن شراكة تضم أكثر من 50 منظمة متخصصة في العمل الخيري والعلوم والأعمال وجهود المناصرة التي تركز على وضع الأهداف المستندة إلى العلم للنظم الداعمة للحياة على كوكب الأرض والعمل على تحقيقها.

’تحالف رأس المال المراعي للبيئة‘ Coalition for Green Capital، الذي يعمل على وضع سياسات لتمويل تحديثات الهياكل الأساسية المراعية للبيئة التي يمكنها تسريع عملية تبني التكنولوجيا.

’التحالف العالمي لمستقبل الغذاء‘ Global Alliance for the Future of Food، وهو تحالف من المؤسسات الخيرية التي تعمل على تحويل أنظمة الأغذية والزراعة نحو تحقيق المزيد من الاستدامة والأمن والإنصاف.

’أوشنز فايف‘ Oceans 5، تحالف تعاوني دولي للممولين مكرس لحماية المحيطات الخمسة في العالم يعمل على إنشاء محميات بحرية في أماكن مثل سيشيل ومنطقة القطب الشمالي ووضع سياسات ولوائح لتقييد الصيد الجائر.

المصدر: إحاطة مواضيعية للمانحين: تغير المناخ والعمل الخيري، روكفلر للاستشارات الخيرية (RPA).

مراجع اضافية

العد التنازلي لأزمة المناخ

تغير المناخ هو أكبر حالة طوارئ تواجه البشرية، بحسب مقالة إليانور دلانوي وتشارلز سيلين وآرثر غوتييه في ’زمن العطاء‘. تتناول مقالة الرأي هذه بعض الأسباب التي جعلت المانحين من القطاع الخاص يتباطؤون في تمويل المبادرات المتعلقة بالمناخ، من التنافر المعرفي بين الحكومات والشركات التي تسعى إلى تقليل انبعاثات الكربون لكنها مستمرة في تصدير المواد الهيدروكربونية، إلى الفصل بين أثرياء الشمال العالمي والملايين من الناس في العالم النامي الذين يواجهون بالفعل مع الآثار المترتبة على تغير المناخ.

منظمة الصحة العالمية: الصحة وتغير المناخ

يوجز هذا التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية والذي أعدته الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف (الذي عقد في بولندا عام 2018)، المخاطر التي يشكلها احترار الأرض على الصحة العالمية. ويشير التقرير إلى أن "تغير المناخ هو التحدي الأكبر للقرن الحادي والعشرين إذ يهدد جميع جوانب المجتمع الذي نعيش فيه بينما يزيد التأخير المستمر في التصدي لحجم التحدي من المخاطر على حياة البشر وصحتهم". ويحث التقرير الجهات المانحة والحكومات على القيام بتدخلات عاجلة من أجل بناء أنظمة للمياه والصرف الصحي والغذاء تكون قادرة على التكيف مع المناخ والاستثمار بشكل أقوى في الحد من مخاطر الكوارث.

الفيضانات والمجاعة والنيران: بناء تحليل العدالة المناخية في مجال العمل الخيري

تستكشف هذه الندوة عبر الإنترنت التي استضافها مركز العمل الخيري للكوارث Center for Disaster Philanthropy، كيف يمكن للممولين المساعدة في التصدي لقضايا تغير المناخ من خلال بناء استجابة خيرية أكثر قوة وتعمقاً في مبادئ العدالة المناخية. وقد أدار كينيث إم جونز الثاني، نائب الرئيس والمدير المالي لمؤسسة ماك آرثر الخيرية (ورئيس مجلس إدارة مركز العمل الخيري للكوارث) النقاشات التي دارت بين: أليكس غراي، مدير قسم الصناديق الدولية في مركز العمل الخيري للكوارث وآلان كووك، مدير قسم المناخ والصمود في مواجهة الكوارث في مؤسسة ’فلانثروبي كاليفوريا‘ Philanthropy California؛ والدكتورة جولي مالدونادو، المدير المساعد لشبكة تبادل المعرفة حول سُبل العيش (LiKEN).