ثماني خطوات للعمل الخيري الناجح

Abdul Aziz Al Ghurair Lrg

 

 

لا يخفى عنا جميعاً أن هناك عدداً كبيراً من الإحصاءات القاتمة التي تذكرنا بأن رفاه ملايين البشر بات على المحك وسط كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة. وفي خضم هذه التحديات تبرز لنا حقيقة جلية وهي أنهم - مثلنا تماماً - يتوقون إلى مستقبل مشرق.

وعندما ننظر إلى الشباب المستضعفين في أجزاء أخرى من العالم على أنهم جزء من مجتمعنا العالمي الموسع، يصبح واجبنا الأساسي توحيد جهودنا لحشد الموارد ووضع حلول فعّالة من شأنها أن تمكّن هؤلاء الشباب وتساعدهم على تأمين مستقبل أفضل لهم.

إن العالم يدعونا إلى العمل على نطاق عالمي، ولذلك يقع على عاتقنا الاستجابة لهذه الدعوة بشعور من الإلحاح للتصدي للتحديات العاجلة في عصرنا. فمن خلال العمل المشترك يمكننا التوصل إلى حلول عملية تساعدنا على رسم مسار نحو مستقبل أفضل لشبابنا ومجتمعنا كلل.

وفي مؤسسة عبد الله الغرير نتبع نهجاً مؤلفاً من ثماني خطوات أساسية هي:

1. ابدأ بتحديد الرؤية والاستراتيجية.

ما يميز العمل الخيري الناجح هو الرؤية الواضحة والمقنعة والمرتبطة بأهداف محددة يمكنها توجيه مسارنا.

2. حدد أهمية العمل الخيري بالنسبة لك والمجالات التي تهدف إلى إحداث فرق فيها.

أوجه جهودي الخيرية إلى مجال التعليم لأنني أؤمن إيماناً راسخاً بأنه الأداة الأكثر فعالية لتمكين الشباب للتطلع لغد أكثر إشراقاً.

عندما اخترت التركيز على التعليم، بحثت عن أدلة لتحديد المجالات التي يمكن أن تؤدي جهودي فيها إلى أكبر تأثير ممكن لمساعدة الأشخاص الأشد احتياجاً. بطبيعة الحال، يستحق كل شخص الحصول على التعليم، فهو حق أساسي يمكن الأفراد من تأمين فرص العمل وعيش حياة هادفة والحفاظ على كرامتهم.

3. تأكد من تبني الإدارة السليمة والمساءلة.

تعتبر الإدارة السليمة والمساءلة الركيزتين الأساسيتين لإنجازاتي الخيرية. فنحن نقوم بمواءمة استراتيجيتنا مع أهداف وغايات محددة ونشجع على الشفافية لتحقيق تأثير دائم ومستدام.

يقوم شركاؤنا بتقييم التدخلات باستمرار لتحقيق نتائج إيجابية بينما تقوم فرقنا برصد التقدم على الصعيد المحلي ولا تتردد في إجراء التغييرات اللازمة كلما دعت الحاجة إليها. وهذا الالتزام يتوافق مع مبادئ ديننا الحنيف وتفانينا تجاه الأشخاص الذين نسعى لمساعدتهم - وهو واجب نعتز به.

4. خصص التمويل واعط الالتزام صبغة رسمية.

في الماضي، كان العمل الخيري الإسلامي أقرب إلى تقديم الصدقات حيث يتم العطاء داخل الدوائر الخاصة. لكننا اليوم بحاجة إلى تدابير ذات مستويات أعلى من الشفافية لتحقيق المساءلة والتأكد من إرساء أسس متينة للعطاء لتحقيق النجاح على المدى الطويل.

ولذلك من الأهمية بمكان أن تقوم بتسجيل منظمة ذات هدف محدد بوضوح والتأكد من نطاق العمل الخيري الإسلامي الذي ستضطلع به وتوافقه مع مبادئ الشريعة الإسلامية واتخاذ القرارات المدروسة والابتعاد عن القرارات التلقائية.

5. قم بتكليف فريق متخصص لإدارة أعمالك الخيرية.

لا يمكنك أن تقوم بجميع أعمالك الخيرية بنفسك. ولذلك تأكد من أن لديك موظفين مؤهلين يشرفون على المبادرات الخيرية وحافظ على علاقة قوية معهم. فعندما أطلقت صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين، كان لدي ثقة كاملة بأن فريقي يتمتع بالكفاءة والمهارة لتوظيف الأموال على أكمل وجه. ومن خلال اتباع نهج تعاوني بما في ذلك التمويل المشترك تمكنا من مضاعفة الأموال للبرامج التي ندعمها.

6. خصص جزءاً من وقتك لضمان نجاح المشروع.

إذا قمت بتوفير التمويل، فمن الضروري أيضاً أن تمنح وقتك. فأنا شخصياً لا أكتفي بتقديم الدعم المالي ومن ثم الانتظار وتمني تحقيق نتائج إيجابية بل أكرس وقتي ومعرفتي وشبكة علاقاتي وتأثيري لإحداث فرق ذي مغزى كلما وحيثما كان ذلك ممكناً.

7. شارك بنشاط في المشاريع واحرص على زيارتها – وانغمس في التجربة أثناء زياراتك.

تخدم هذه المشاريع أفراداً حقيقيين لديهم قصص حقيقية وتحديات حقيقية وهم الدافع وراء عطائنا. عند زيارتك لهذه المشاريع راقب محيطك واستمع جيداً لما يدور حولك. اطرح الأسئلة وتواصل مع الجانب البشري لعطائك الهادف.

كانت اللحظة المفضلة لدي في زيارتي الأخيرة للأردن عندما ذهبت في زيارة عفوية لجهة شريكة برفقة ابنتي التي تظاهرت وقتها بأنها طالبة. لم يعرف المسؤولون هناك من نكون. وقامت مسؤولة البرنامج باصطحابنا في جولة وكانت لطيفة جداً. لقد أكدت على التأثير العميق الذي أحدثه صندوق تعليم اللاجئين على حياتها الشخصية وأعربت عن أملها في أن تتمكن في يوم من الأيام من مساعدة شخص ما كما تمت مساعدتها. 

8. شارك تأثيرك وأفكارك وما تعلمته لإلهام المؤسسات الخيرية الأخرى.

أشارككم ذلك لأنه من المهم أن ندرك أنه يمكننا معاً تحقيق ما هو أفضل. فالهدف هو إحداث تأثير أكبر وتحقيق نتائج أفضل لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً.