يعرض الدليل الإرشادي هذا مقدمة عن الهياكل التشغيلية والوسائل المشتركة في الأعمال الخيرية للشركات، كما يقدم نصائح عملية لاستعراض مختلف الخيارات.
الدروس المُستخلصة
- تتمثل الخطوة الأولى الحاسمة في وضع استراتيجية عطائك في تحديد معياري التشغيل، وهيكل العطاء، ووسيلته.
- عند النظر في معياري التشغيل، قد يكون من المفيد تحقيق فهم راسخ بشأن قيمة الوقت والإطار الزمني الذي تنوي توفيره، والإطار الزمني الذي تكرسه للموظفين للمشاركة في الأعمال الخيرية للشركة.
- فيما يتعلق بهيكل العطاء، فإن الأطر الزمنية القصيرة أو المبهمة تفسح المجال لإدارة العطاء داخلياً، في حين توفر الأطر الزمنية الأطول إمكانية إنشاء كيان منفصل.
- تشتمل خيارات إدارة العطاء بوصفها كياناً داخلياً على إنشاء برنامج محدد، أو دور محدد، أو قسم محدد. وتشتمل خيارات إدارة الأعمال الخيرية بشكل منفصل على إنشاء مؤسسةخيرية تابعة للشركة، أو مؤسسة خاصة، أو مؤسسة جماعية.
- فيما يتعلق بوسائل العطاء، فإن انخفاض نسبة مشاركة الموظفين يستدعي الوسائل التي يقودها الشركاء، بينما يدعم ارتفاع نسب مشاركة الموظفين العطاء الذي تنفذه المنظمة.
- تشتمل خيارات وسائل العطاء التي يقودها الشركاء على تقديم العطاء من خلال الوسطاء، أو التمويل الموصى به، أو الرعاية، أو الاستثمارات المرتبطة بالرسالة، بينما تشتمل خيارات الوسائل التي تقودها المنظمة على إدارة البرامج، أو تقديم المنح، أو دوائر العطاء، أو العمل الخيري الاستثماري.
مقدمة
عادةً ما تتضمن استراتيجية العطاء المبسطة على عنصرين رئيسين، وكذلك تحدد ماهية مبادرتك وما يرتبط بها من أشخاص وأماكن وآليات.
يتحدد العنصر الأول، أي أهداف عطائك، عن طريق ماهية الشيء الذي تخطط لمنحه ولمن ستقدمه، في حين يتحدد العنصر الثاني، أي عملياتك، بمكان تقديم العطاء وآلية تقديم تلك الهبات. وسيركز هذا الدليل على عنصر العمليات في استراتيجية العطاء.
تصبح عملية تحديد استراتيجية العطاء أمراً لا غنى عنه بمجرد إضفاء الطابع الرسمي على العمل الخيري. ومهما كان الدافع نحو ترقية عطاء شركتك، سواء أكان ذلك معنياً بدعم المجتمع أو توجيه القيادة أو ولاء العملاء أو مشاركة الموظفين أو غير ذلك، فإن قرار تخطي مرحلة إصدار الشيكات يطرح عدة خيارات عند وضع تفاصيل استراتيجيتك.
المبادئ الأساسية
إلى جانب تحديد أهدافك، تتمثل الخطوة الأولى الحاسمة عند وضع استراتيجية عطائك في تحديد معياري التشغيل لديك.
- يشير المعيار الأول، أي هيكل العطاء، إلى موقع تنفيذ عملياتك الخيرية.
- يشير المعيار الثاني، أي وسيلة العطاء، إلى الأسلوب (الأساليب) التي تستعين بها في نقل مواردك.
لتعيين كل معيار، يجب تقديم سرد نزيه لطموحاتك ومواردك بغرض اتخاذ خيار مستنير بين المسارات المتاحة لك ومجموعة الخيارات المرتبطة بها. وبمجرد تعيين هذين المعيارين، سوف يشكلان ركائز تشغيل استراتيجيتك التي ستتفرع منها العديد من التفاصيل الأخرى.
يعتبر اعتماد هيكل العطاء ووسيلته (وسائله) من القرارات الرئيسية ذات الآثار بعيدة المدى. فمن المفيد التمتع بفهم راسخ لقيمة الوقت، وذلك لدعم المنهج الفعال لاتخاذ القرارات عند توفر مسارات وخيارات متعددة، وذلك من خلال فهم:
- الإطار الزمني الذي تنوي تنفيذ العطاء ضمنه
- الإطار الزمني الذي تكرسه للموظفين بهدف المشاركة في الأعمال الخيرية للشركة.
وبمجرد وضوح تلك النقاط، يمكنك توجيه تركيزك نحو المسار الأنسب لظروفك الخاصة.
معيار التشغيل: هيكل العطاء
لا يرتبط تحديد "مكان" إجراء منح عطاء شركتك بالموقع الجغرافي، بل يشير إلى ما إذا كانت استضافة عمليات العطاء من داخل الهيكل التنظيمي الحالي أو بشكل منفصل عنه. ويعد فهم الإطار الزمني جزءاً لا يتجزأ من اختيار مسار هيكل العطاء الأمثل؛ نظراً لأن إعداد كيان منفصل يمكن أن يكون عملية مكثفة قائمة على جبهات متعددة.
وفي حال كان إطارك الزمني قصيراً أو مبهماً، فمن الحكمة إدارة عطائك داخلياً. وفي حال كان الإطار الزمني طويلاً، فلا يزال بإمكانك اختيار إجراء منح العطاء داخلياً، بيد أنك قد ترغب في الاستثمار لإنشاء كيان قانوني جديد للاستفادة من مزاياه.
المسار (أ): الكيان الداخلي
يشكل إدماج عطائك باعتباره جزءاً من منظمتك الحالية نقطة الانطلاق المعتادة للعديد من المبادرات. وبالمقارنة مع الكيانات المنفصلة، تميل الهياكل الداخلية إلى اكتساب وعي عام أقل. مع ذلك، يمكن أن تكون الهياكل فعالة من حيث التعبئة، كما يمكن تمويلها بشكل منتظم من خلال الميزانية السنوية الحالية.
تشتمل خيارات إجراء منح العطاء بصفته كياناً داخلياً على ما يلي:
- برنامج محدد
غالباً ما يترسخ العطاء المؤسسي فيما بين الموظفين. ويمكن لعملية تحديد برنامج لمشاركة الموظفين دعم الأهداف الثقافية على الصعيدين المجتمعي والمؤسسي. وتأتي تبرعات الموظفين، أو تنظيم حملة جمع تبرعات، أو تقديم إجازات مدفوعة الأجر لأعمال التطوع، أو تقديم مشاريع خيرية لدعم المنظمات المجتمعية، أو حتى تشجيع الموظفين على العمل في الجمعيات الخيرية من بين الطرق البسيطة لبدء العطاء داخل المؤسسة - دور محدد
بجانب المشاركة المتقطعة في البرامج، اختر الموظفين الذين يمكنهم أداء "الأعمال الخيرية" كجزء من أدوار وظائفهم الرسمية. وفيما يتعلق بإدارة العطاء المؤسسي، يمكن إسناد مسؤوليات بدوام كامل أو جزئي إلى الموظفين داخل أحد الأقسام الموجودة أو عبر العديد من الأقسام. ويترتب على إضفاء الطابع الرسمي على أحد الأدوار التزاماً تنظيمياً، من شأنه دعم نجاح البرامج.
- قسم محدد
يمثل إنشاء قسم مخصص للأعمال الخيرية المؤسسية الالتزام الأكثر أهمية في هذا المسار. وفي حال كان جدولك الزمني قصيراً، قد يكون هذا القسم عبارة عن هيكل مؤقت يعاد تحديد الغرض منه بسهولة بمجرد إنجاز المبادرة.
المسار (ب): الكيان المنفصل
في ظل وجود إطار زمني أطول، يمكن إجراء عمليات عطائك باعتبارها كياناً منفصلاً. ويمكن أن تحظى الهياكل المستقلة بوعي قوي بالعلامة التجارية، غير أنها قد تواجه صعوبة أكبر في تأسيس العلامة التجارية مقارنةً بالعمليات الداخلية. ومن الممكن أن تشكل عملية تنفيذ آليات التمويل تحدياً خاصاً؛ حيث إن هذه الكيانات يدعمها بشكل عام برنامج وقف أو تقاسم الأرباح التي قد يصعب تحديدها أو تشكيل إجماع حولها، كما أنها تخضع للوائح متغيرة.
تتضمن خيارات إجراء عملك الخيري بشكل منفصل ما يلي:
- مؤسسة تابعة للشركة
قد يكون إنشاء مؤسسة خيرية خاضعة لكيانك التجاري وتحمل اسمه بمثابة رسالة لأصحاب المصلحة بالتزامك الكبير والطويل الأمد بالعطاء المؤسسي. وقد يختلف حجم المؤسسة الخيرية التابعة للشركة، كما يمكنها التعامل مع أي مجالات مواضيعية بغض النظر عن الحجم النسبي والتركيز القطاعي للشركة المؤسِسة. ومن الأمثلة على المؤسسات الخيرية التابعة للشركات مؤسسة "كوكا كولا" ومؤسسة "وول مارت".
- مؤسسة خاصةقد تختار المنظمات التي تتمتع بقيادة بارزة أو مشاركة عائلية إنشاء مؤسسة خاصة تحمل اسم العائلة بدلاً من اسم الشركة. ويمكن للأسر الحريصة على القيام بالأعمال الخيرية إنشاء مؤسسة عائلية بجانب المؤسسة التابعة للشركة. ومن الأمثلة على المؤسسات الخاصة مؤسسة بيل وميليندا غيتس ومؤسسة مايكل وسوزان ديل.
- مؤسسة جماعية
يمكن لمنظمتين أو أكثر ممن لديهم أهداف متشابهة أو مشتركة أن تتحد لتشكيل مؤسسة جماعية. وفي حين أن اتخاذ قرارات مشتركة قد ينطوي على تحديات، فإن المنافع الرئيسية للمؤسسات الجماعية تتمثل في النفقات ا لإدارية المشتركة والتمويل المجمع. ومن الأمثلة على المؤسسات الجماعية مؤسسة "سيليكون فالي".
معيار التشغيل: وسيلة العطاء
يمثل اختيار وسيلة عطائك المقابل الخيري للشروع في تحليل "التصنيع/الشراء" أو قرار الاستعانة بمصادر خارجية في الأعمال التجارية. يعد فهم الإطار الزمني الذي يمكنك تكريسه للموظفين من أجل أداء الأعمال الخيرية جزءاً لا يتجزأ من اختيار مسار وسيلة عطائك؛ وذلك نظراً لأن إدارة الهبات المؤسسية يمكن أن يكون لها تأثير كبير في موارد الموظفين.
وفي حال كان الإطار الزمني الذي تكرسه للموظفين بغرض المشاركة قصيراً مقارنةً بحجم ميزانيتك، فيتعين عليك النظر في الوسائل التي يقودها الشركاء التي تعتمد اعتماداً كبيراً على المنظمات الخارجية. وإذا كنت تمتلك الموارد اللازمة لتحقيق مستويات عالية من المشاركة مقارنةً بميزانيتك، فأنت في وضع جيد لقيادة العملية داخلياً في حال اختيارك القيام بذلك.
المسار (أ): عطاء يقوده الشركاء
تمثل دعوة الشركاء لدعم عطائك أمراً شائعاً، وهو ما تكتسب به عدد من المنظمات مكانتها في مجال الأعمال الخيرية للشركات. ويعتمد النجاح في هذا المسار المتسم بانخفاض نسب المشاركة، على التواصل الفعال والعلاقات الناجحة مع شركائك.
تشتمل خيارات وسائل العطاء الذي يعتمد على الشركاء على ما يلي:
- الوسطاء
يقدم الوسطاء مشورة متخصصة حول المسائل ذات الصلة، أو يحددون المنظمات التي يمكنك توزيع تبرعاتك المالية فيها. كما يمكنهم بذل العناية الواجبة نيابةً عنك، ويمكنهم أحياناً جمع تمويلات من جهات مانحة أخرى وذلك للحصول على مساهمات أكبر. ويعكف الوسطاء بشكل متزايد على تصميم برامج عطاء مؤسسية جاهزة لتحقيق أهدافك، حيث يعدون كل شيء بدءاً من اختيار المستفيدين إلى مشاركة الموظفين. ولضمان إشراك الوسطاء، يمكنك ببساطة تقديم منحة إلى الوسيط، التي يعيد توزيعها بعد ذلك على المنظمات المختارة. ويعتبر الوسطاء مفيدين بشكل خاص في حال إذا ما كنت تتطلع إلى تقديم هبات على الصعيد الدولي أو في الأسواق التي يكون مستوى فهمك للمشهد الاجتماعي والتنظيمي فيها محدوداً.
- التمويل الموصى به
يعد التمويل الموصى به أحد الآليات المفيدة في حالة التحديد المسبق لمنطقة المنظمة أو المجال الموضوعي الذي ترغب في تقديم هبات له، مع الاحتفاظ ببعض السيطرة على وقت أو آلية استخدام هذه التمويلات. وتتيح لك هذه الوسيلة تقديم هبات إلى منظمة مضيفة، وعادةً ما تكون تلك المؤسسة خيرية أو منظمة مجتمعية كبرى تحتفظ بالأموال حتى تقدم توصية حول آلية ووقت توزيعها. ومن الممكن استخدام هذه التمويلات بمعرفة المنظمة المضيفة أو يمكن منحها لمنظمات أخرى. وتتيح لك هذه الوسيلة تقديم الهبات عند توفر التمويلات وتوظيفها في حال موافقتك على خطة العمل.
- الرعاية
تعتبر الرعاية هبة مباشرة مقدمة بشكل عام بناءً على طلب متلقيها، وهي إحدى وسائل العطاء الأساسية. وتتطلب الرعاية المالية ورعاية السلع العينية مشاركة محدودة، ومع ذلك، يمكن الاستعانة بشكل موسع بالرعاية التي تشمل نقل المهارات، والخدمات المهنية، والملكية الفكرية، وغيرها.
- الاستثمارات المرتبطة بالرسالة
تعتبر الاستثمارات المرتبطة بالرسالة آلية ذات نسبة مشاركة منخفضة تسمح لمنظمتك بالاستثمار في المجالات التي تهتم بها على الصعيد الاجتماعي، وذلك على الرغم من عدم الاعتراف بها باعتبارها من الأعمال الخيرية للشركات من المنظور التقليدي. ومن خلال الاستثمارات المرتبطة بالرسالة، يمكنك تحويل التمويلات من الاستثمارات التقليدية إلى تلك الاستثمارات المعنية بالمجالات التي تعنيك. ومن أمثلة ذلك، الاستثمار في الشركات المعنية بمكافحة التغير المناخي، وكذلك مطورو التكنولوجيا الذين يعملون على تحسين جودة التعليم في المدارس في المناطق الريفية، إلى جانب المبتكرين الصحيين الذين يصممون تقنيات جديدة لمكافحة الأمراض المهمَلة، وما إلى ذلك.
المسار (ب): وسائل عطاء تقودها المنظمة
في ظل توافر المزيد من الوقت للموظفين للمشاركة، قد يكون من الممكن تبني وسائل عطاء تسمح لمنظمتك بقيادة العملية الخيرية، في حين أن الوسائل كثيفة العمالة الخاصة بالمنظمات تسمح بالمزيد من السيطرة على عملية منح العطاء وتحقق نسبة اتصال أكبر مع المستفيدين مقارنةً بالنماذج التي يستخدمها الشركاء. وفي هذا المسار الذي يتمتع بنسبة مشاركة مرتفعة، يعد الالتزام والوضوح على مستوى المؤسسة حول التدفقات النقدية المستقبلية أمراً بالغ الأهمية لتحقيق النجاح.
تشتمل خيارات وسائل العطاء ذات نسبة المشاركة المرتفعة على ما يلي:
- إدارة البرامج
في ظل كثافة العمالة والموارد، تمنحك إدارة البرامج أكبر قدر من السيطرة على العطاء المؤسسي، كما توفر تفاعلاً واسع النطاق مع المجتمع، غير أنها تزيد أيضاً من المسؤولية حول الجودة والتعرض للمخاطر في حال ظهور مشكلات.
- تقديم المنح
يمكن أن يوفر تقديم المنح سيطرة ممتازة على مكان وآلية استخدام تمويلك، دون تحمل عبء تصميم البرامج أو تقديمها. وعلى الرغم من ذلك، ولتجنب اللبس، يعتبر النجاح في تنفيذ برنامج المنح عملية كثيفة العمالة تعتمد اعتماداً كبيراً على العناية الواجبة الشاملة، ودعم المستفيدين، والفهم الجيد لمنظمات المجتمع والعمل مع الشركاء.
- دوائر العطاء
تتيح دوائر العطاء للمنظمات المتعددة أو الأفراد فرصة للالتقاء وتجميع الموارد بهدف تحقيق هدف مشترك. وكما هو الحال في تقديم المنح، فإن دوائر العطاء مشتركة بشكل كبير في اختيار ودعم المتلقين بعناية.
- العمل الخيري الاستثماري
يتيح لك العمل الخيري الاستثماري فرصة تقديم الدعم لفكرة أو منظمة تعمل لغرض اجتماعي والاستثمار فيها. ويتمثل الغرض من العمل الخيري الاستثماري في إحداث تأثير وليس تحقيق الربح بالضرورة، ولكن كما هو الحال في الاستثمار التقليدي، يتطلب هذا العمل منهجاً مالياً مخصصاً، ودعماً كبيراً غير مالي، ومراقبة صارمة.
